حوار جدة.. الانتقالي يرفض هيمنة الشرعية على قرارات التعيين في الجنوب

> «الأيام» غرفة الأخبار

> ذكرت مصادر سياسية قريبة من حوار جدة بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي أن الحوار غير المباشر لا يزال يدور حول الإطار العام، وأن الوسطاء السعوديين الذين ينقلون المقترحات بين الوفدين سيعملون خلال الأيام القليلة القادمة على بلورة مسودة تفاهمات أولية سيتم عرضها على الطرفين من واقع النقاشات والرؤى التي تم تقديمها.

ووفقاً لما نشرته صحيفة العرب اللندنية أمس، فإن المجلس الانتقالي أحبط مناورات حزب الإصلاح، الذراع السياسية لإخوان اليمن، برفضه محاولات وضع الجنوب تحت سيطرة الحكومة التي يسيطرون عليها، تحت عنوان إعادة بناء الشرعية.
ويتمسك المجلس الانتقالي برفض إدماج قوات الحزام الأمني التي حققت نجاحات كبيرة على أكثر من جبهة، وكان آخرها أحداث عدن. كما يرفض أن تتولى الحكومة التي يتحكم بها حزب الإصلاح تعيين محافظي المحافظات الجنوبية، وأن يتم ذلك باقتراح من المجلس وليس من أي جهة أخرى.

ولفتت المصادر ذاتها إلى أن مسؤولين سعوديين عملوا خلال الأيام الماضية على تلقي المقترحات والتنقل بين مقري إقامة الوفدين في جدة للتوصل إلى إطار عام للحوار سيكون منطلقا لحوار مباشر في حال التوافق عليه بصور كاملة.
وأشارت الصحيفة إلى أن المسودة التي سيقدمها الجانب السعودي ستتضمن أجندة الحوار المباشر ومرجعياته، فيما سيتم ترحيل الحديث حول التفاصيل إلى مرحلة تالية سيتم تحديد موعدها بناء على مخرجات الجولة الأولى من الحوار غير المباشر بين الشرعية والانتقالي.

وأكدت المصادر مشاركة سفراء ودبلوماسيين من الدول الـ 18 الراعية للسلام في اليمن في أجواء وكواليس الحوار لتقريب وجهات النظر والضغط على الطرفين لتقديم تنازلات تصب في اتجاه الجلوس إلى طاولة الحوار بشكل جاد وفعال.
ويتواجد وفد المجلس الانتقالي في فندق مجاور للفندق الذي يقيم فيه وفد الحكومة الشرعية في جدة، فيما يتنقل ثلاثة مسؤولين سعوديين على الأقل بين الوفدين لنقل المقترحات والردود وبلورة المواقف.

ومن المتوقع أن يحرز حوار جدة تقدما في التقريب بين الأطراف اليمنية المتحاورة، غير أن مراقبين حذروا من أعمال التصعيد الممنهج التي لا تزال تقوم بها أجنحة داخل الحكومة الشرعية لا تزال تجاهر علنا برفضها لحوار جدة، واستمرارها في التصعيد السياسي والإعلامي وحتى العسكري.
وطالب خبراء بضرورة تحجيم مصادر التوتير داخل الشرعية التي ترى في أي اتفاق تهديدا لمصالحها في مؤسسات الشرعية وما تعتبره استحقاقات لا يمكن التراجع عنها.

وتأتي تلك التحذيرات في ظل تقارير إعلامية وميدانية تتحدث عن استمرار أطراف في الحكومة الشرعية بحشد قواتها إلى محافظتي شبوة وأبين استعدادا لتفجير الأوضاع ونسف الحوار الذي ترعاه الحكومة السعودية في جدة.
وذكر مراقبون في هذا الصدد بالتاريخ الطويل للحروب في اليمن التي أتت في أعقاب اتفاقات سياسية، تم إجهاضها من قبل مراكز قوى تعتبر مخرجات هذه الحوارات تهديدا لمصالحها.

وشهد اليمن حربا دامية في صيف العام 1994 بعد فترة وجيزة من توقيع الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح اتفاقا مع نائبه علي سالم البيض في العاصمة الأردنية عمان مطلع العام 1994، كما انقلب الحوثيون على الدولة في سبتمبر 2014 بعد أقل من عام من اختتام فعاليات مؤتمر الحوار الوطني وعشية التوقيع على اتفاق السلم والشراكة برعاية الأمم المتحدة.

ويعارض قطاع كبير ومؤثر داخل الشرعية أي حوار مع المجلس الانتقالي على اعتبار أن ذلك انتقاص من الشرعية وبمثابة اعتراف بالانتقالي كمكون فاعل وأساسي، وينظر إخوان اليمن إلى مطالب الانتقالي الخاصة بإعادة التوازن إلى مؤسسات الشرعية ووقف تغول حزب الإصلاح باعتبارها تهديدا للمكاسب الكبيرة التي حققها من خلال سيطرته على مفاصل الشرعية وهيمنته على الجيش الوطني وأجهزة الأمن في المناطق المحررة.

ويسعى هذا التيار إلى توتير أجواء الحوار عبر استمرار حملة الإساءة للانتقالي، واتهام التحالف العربي بقيادة السعودية بخذلان الشرعية والتآمر عليها، في محاولة مكشوفة للابتزاز السياسي والإعلامي، وتترافق الحملات الإعلامية والتصريحات المتناقضة التي يدلي بها مسؤولون في الشرعية، مع تحركات عسكرية تتعارض مع دعوات التحالف إلى التهدئة ووقف التصعيد العسكري والميداني.

إلى ذلك أثارت الكلمة التي توجه بها محمد عبدالله اليدومي، رئيس حزب التجمع اليمني للإصلاح، مساء الخميس انتقادات واسعة في الجنوب لما فُهم من كلامه بأنه إثبات لهيمنة خيارات حزب الإصلاح على قرارات ر حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي.
وقال اليدومي بمناسبة الذكرى التاسعة والعشرين لتأسيس الحزب في 13 سبتمبر 1990، إن "حزب الإصلاح يدعو إلى تشكيل حكومة مصغرة يتم اختيار أعضائها على قاعدة الشراكة والتوافق الوطني، وفق الاختصاص والكفاءة والنزاهة لإدارة المرحلة التي نصت عليها المبادرة الخليجية".

وجدد رئيس الإصلاح، التأكيد على موقفهم "الرافض لكل صنوف التطرف والإرهاب بكل أساليبه وأشكاله ومسمياته"، مؤكدا على منهج الإصلاح الوسطي الذي اختطه منذ تأسيسه.
واعتبر المراقبون أن ما يثير في كلمة اليدومي وكذلك ما ورد في البيان الرسمي للحزب يمكن تقسيمه إلى جزأين، الأول فكري ويتعلق بحديثه عن توجهات وسطية لحزبه، أما الثاني فيتعلق بالمستوى السياسي عبر الدعوة إلى حكومة مصغرة أو عبر تأكيد إيمان الحزب الإخواني بعدالة قضية الجنوب.

واتهم المجلس الانتقالي الجنوبي في تعليقه على كلمة اليدومي، حزب الإصلاح بقلب الحقائق والتلفيق والانتهازية.
وقال نائب رئيس المجلس هاني بن بريك في تغريدة على حسابه بموقع تويتر الجمعة إن خلاصة بيان الإصلاح تشير إلى أنهم الشرعية.

‏وأضاف بن بريك "لا جديد في بيان الإصلاح في ذكرى إشهار فرعهم في اليمن، قمة الدجل والتلفيق والانتهازية وقلب الحقائق، إنما كان الجديد لو قالوا شيئا غير الذي قالوه".
وتابع: "لم يفاجئونا فهذه طريقتهم، فريق يفجر وفريق يستنكر، وفي كل قضية هم كذلك فريقان إن لم يكونوا أكثر من فريق".

وأكّد حزب الإصلاح في بيان له أنه يؤمن بـ "عدالة القضية الجنوبية التي خاضت منذ 2008 نضالا سلميا بمطالب حقوقية أيدها الجميع".
ويؤكد المتبنون لقضية الجنوب، أن كل ما يدعيه حزب الإصلاح في علاقة بقضية الجنوب لا يمكن تصنيفه سوى في خانة الانتهازية المكشوفة.

ويشدد هؤلاء على أن حزب الإصلاح لا يحمل في أدبياته أي إيمان بالقضايا العادلة في اليمن، لا في الجنوب ولا في الشمال، خاصة وأنه كان الحزب الأول المحرض على جبهات القتال في صعدة، علاوة على ما يتهم به اليدومي بالولاء للمتمردين الحوثيين عام 2013 لدى اقتحامهم محافظة صنعاء.
ويلفت العديد من المتابعين للخطاب الذي ألقاه اليدومي أو لما ورد في البيان الرسمي لحزبه إلى أنهما تميزا بتغييب الحديث عن انقلاب الحوثيين وتمردهم على الدولة في اليمن، في المقابل تم إحضار قضية الجنوب وكذلك موضوع الإمارات العربية المتحدة كأجزاء رئيسية في خطاب حزب الإصلاح.

وتشدد مراجع سياسية يمنية، على أن دعوة حزب الإصلاح إلى تشكيل حكومة مصغرة هي مطلب فضفاض يحيل من الناحية السياسية إلى هيمنة الحزب الإخواني على صناعة القرار في حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي، علاوة على سيطرته على التوجهات الرئيسية للحكومة التي تتهم بأنها تحولت من شرعية إلى ذراع سياسية تنقذ أجندة حزب الإصلاح.

أما بشأن الحديث عن شروط الحكومة المصغرة، التي يقول حزب الإصلاح إنه يجب أن تكون مبنية على أساس شراكة وتوافق وطني لإدارة المرحلة، فإن البعض يرى في ذلك تناقضا كبيرا داخل حزب الإصلاح الذي رفض الجلوس إلى طاولة الحوار التي دعت إليها المملكة العربية السعودية في وقت قبل فيه المجلس الانتقالي الجلوس لإيجاد حل والإبقاء على وحدة الصف في مواجهة المتمردين الحوثيين.

ودفعت تناقضات حزب الإصلاح بالمجلس الانتقالي إلى التصدي لأجندته التي ورطت حكومة هادي في الزج باليمنيين في صراع كان سيؤدي إلى نتائج وخيمة.
وتعكس ازدواجية الخطاب الإخواني حالة الارتباك بعد الهزائم التي ألحقت بهم في الجنوب وتنامي حالة الرفض لحزب الإصلاح المتسبب في الأزمة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى