شهداء لا بواكي لهم

> محمد عبدالله الموس

> كانت الواقعة إلى الشرق من شقرة في جبل العرقوب، مجرد كلمة مست شرف عدن، حاضرة الجنوب العربي، قالها غاز من عمران عبرت عن حقده الدفين، استصرخت المارد الجنوبي النائم في جوف شباب من أبين، لم أنل شرف معرفة أيّ منهم، عندما قال الغازي، ابن عمران، سنفتح عدن وندخل إلى غرف النسوان، فقال له ابن أبين، عدن فيها أسود ليسوا مثلكم عندما دخل الحوثي غرف نومكم، لم يلبث الأمر أن تحول إلى اشتباك بالرشاشات سقط نتيجة ذلك عدد من الشهداء من أبناء أبين الأبية لم يتأكد عددهم حتى الآن، صحيح أنهم سقطوا في المكان الخطأ، لكنهم سقطوا لموقف ستسترجعه الذاكرة الجمعية الجنوبية كثيرا، وإذا كانوا اليوم شهداء (لا بواكي لهم) فإن المستقبل سيخلق لهم بواكي يتوارثن مجد صنعه هؤلاء الفتية جيلا بعد جيل.

أبين، كغيرها من محافظات الجنوب، تأبى أن يذهب أبناؤها كـ(كحل باكية) وأن يتحولوا إلى خناجر طعن في خاصرتها خدمة لأطماع غزاة ولصوص يحملون شعارات الوحدة واليمن الاتحادي والأقاليم وغيرها من (الهلفطات) الكلامية المعلقة في الفراغ.
تابوت الوحدة الذي حمله شباب الوضيع إلى مثواه الأخير خلال سنوات الحراك السلمي (الدامي)، يأبى أن يتوارى عن الأنظار ولا زال فاتحا أبوابه لمزيد من الثمن الذي يجب أن ندفعه لتحرير الجنوب.

نفس القامات والهامات المرفوعة التي حملت تابوت الوحدة في الوضيع، خلال سنوات الحراك السلمي، نفس هذه الهامات، حملوا سلاحهم في عام ٢٠١٥م ودافعوا باستماتة عن قرية الرئيس هادي لمنع الغزاة من الوصول إليها وتفجير منزله الذي اعتبره هؤلاء الفتية (شرفا لهم) قبل أن يكون منزل رئيسهم، هناك فرق يا سادة بين قامات تحمل قيما، وبين تجار مواقف يحملون حقائب لقبض الثمن.

تربطني بالمهندس أحمد الميسري صداقة طويلة من قبل أن يتبوّأ أي منصب رسمي، وكنت ضمن فريق من أعضاء رئاسة الانتقالي وأعضاء الجمعية الوطنية، في آخر لقاء لنا به، ذهبنا بتكليف من الأخ عيدروس قاسم الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي، للقائه بهدف التنسيق لمنع أي صراع جنوبي جنوبي، وكان الرجل إيجابيا بشهادة جميع من حضروا، لكن تسارع الأحداث قلب الطاولة على رؤوس الجميع، ويبدو أن الرجل فقد ثقته في الجميع، ما دفعني لذكر ذلك هو أنني قلت له ذات لقاء لم نكن فيه وحدنا، إذا عاد في رأسك عشق للوحدة فأنا أنصحك أن تشتري لك بيتا في الخارج لتفر إليه عندما يطردونك من صنعاء كما طردوا البيض وهادي، وبالمناسبة، الميسري لا يملك بيتا لا في عدن ولا في صنعاء، والبيت الذي تم اقتحامه كان مستأجرا، ومن واقع معرفتي به فإني أكاد أجزم أن الميسري لن يقف ضد الجنوب حتى النهاية.

لم تكن هناك مصلحة لأي شبواني أو أي جنوبي في ضرب النخبة الشبوانية التي أمنت شبوة بمساحتها الواسعة من كل صور التطرف والبلطجة وقطاع الطرق، وعرفنا حجم خسارة غياب النخبة من شهادات من كانوا ضد النخبة الشبوانية بمن فيهم محافظ شبوة نفسه الذي اعترف بأن النخبة صنعت الأمان في شبوة، فيا ترى من هو صاحب المصلحة في ضرب النخبة الشبوانية واستمرار ملاحقة عناصرها؟ هل هم اللصوص ومن على شاكلتهم، أو دعاة الوحدة والأقلمة، أو المواطن الذي ينشد الحرية والأمان والعيش الكريم؟

تلكم شذرات مما جادت بها الذاكرة تؤكد أن في داخل كل جنوبي، أعمت بصيرته أوراق البنكنوت، أو كرسي السلطة، أو المصلحة الشخصية، أو حتى الغضب وردة الفعل، فإن هناك جنوبي نقي يرقد في داخله، فأيقظوا هذا الجنوبي النائم بشتى طرق الإيقاظ، وأولها فتح ذراعينا للجميع، بدون استثناء، أما تجار الحروب والأزمات والطبالين ورواد برامج (التوك شو) وحملة المباخر في مواقع التواصل وغيرهم من ذوي الدفع المسبق، فسيتوارون بمجرد نهاية المحفل، بانتظار محفل آخر، هي كالزبد يذهب جفاء، ولن يبقى على الأرض إلا ما ينفع الناس.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى