النهوض من تحت الركام

> أحمد عمر حسين

> تفردت مدينتا التواهي والقلوعة عن باقي مدن محافظة عدن - حسب حدود معرفتي المتواضعة - بأن فيهما رجالا استثنائيين قاوموا الفراغ الناشئ بسبب الحرب الحوثية العفاشية الظالمة والتي نتج عنها انهيارا لمنظومة السلطات المحلية بالذات، فنذر هؤلاء النفر أنفسهم للقيام بالمهمة المستحيلة، فأقاموا مجلسا شعبيا أهليا اضطلع بمهام عظيمة في خدمة المجتمع والمساهمة في تسهيل وودعم استمرار الخدمات الهامة واهمها الماء والنظافة وحصر الأضرار وتسجيل الأسر المستحقة للدعم الإنساني ، وتشكيل رؤوساء الإحياء كبديل عن عقال الحارات، وتطور عمل المجلس لتتجاوز العمل المحدود لعقال الحارات ومن ذلك حصر الفقراء والمحتاجين للمساعدات الفورية.

ومؤخرا وبعد أزمة الغاز المنزلي المتعمدة بدأ رؤساء الأحياء بالتعاقد مع مستثمر للغاز وبدأ ذلك التاجر بتنزيل وبيع الغاز مباشرة في حارات التواهي ومباشرة سلم الفارغ واستلم المليان وداخل الحارات بسعر 3000 ريال، ودون وساطات ولا تسجيل، وإنما تقف طابور أمام شاحنات النقل تنتظر دورك وبسلاسة وبدون ضجيج، هذا إلى جانب المساهمة في حملات النظافة والتحصين من الأمراض والمساعدة في استتاب الأمن.

ذلك كان الواجب المُشرِف والتحدي الذي تجشمه المجلس الشعبي من خلال أعضائه وقياداته المؤسسين.

وفي صباح الخميس الفائت وفي قاعة الاجتماعات بالمجمع الصحي بالتواهي وبمبادرة من منتدى الحريري والشعوي للتصالح والتسامح وكذلك قيادة المجلس الشعبي لمدينتي التواهي والقلوعة وتحت رعاية مدير عام المديرية الشيخ عبدالحميد الشعبي احتفل المجلس الشعبي بالذكرى الرابعة لتأسيسه وكرم إحدى عشرة شخصية، أربع نساء وثلاثة شبان وأربعة ممن تجاوزت أعمارهم الستين عاماً.

ما لفت نظري واستحسنته هو تلك النسبة العالية للمرأة والشباب، وتذكرت على الفور في تلك اللحظات قرارات مجلس الأمن الدولي بشأن تمكين المرأة والشباب ومشاركتهم في الحياة السياسية والمجتمعية أثناء السلم والحروب أيضا، وخاصة القرار الدولي رقم 1325 لعام 2000 والذي طالب جميع دول العالم برفع نسبة الشراكة للمرأة والشباب إلى 30 % على الأقل. وللأمانة من خلال متابعتي لكافة قرارات الحكومات اليمنية المتعاقبة من ذلك العام لم أرَ مشاركة بهذه النسبة ولا تكريما أيضا بهذه النسبة.. وعندما سألت أحد القائمين على المجلس الشعبي عن اختيار الشخصيات المُكَرمة عرفت منهم أنهم قاموا بذلك عن دراسة ولذلك اعتبرت التكريم وإن كان من قبل مجلس شعبي حصيفا وذا مغزى وتلاؤم بل

فاق ما تم في النسبة المطلوبة من ذلك القرار الأممي.

تحية مملوءة بالاعتزاز بأولئك النفر القائمين على المجلس، وكذلك لجنة ترشيح المكرمين، فبمثل هذا التكريم سنحصل على الاحترام من قبل الهيئات الدولية لأنه كان قرارا حصيفا.

وحقيقة لا تأتي الروعة في أي تكريم إلا حين يكون المكرم حيا يُرزق ويعيش بيننا لأن هذا ما يجب اتباعه باستمرار، خلافا للعادة السيئة للأنظمة العربية واليمن أكثرها سوءاً، حيث لا يكرم شخص ما إلا إذا غادر الحياة الدنيا فيكرم متأخرا ولا تصله الفرحة باهتمام الآخرين به لأنه باختصار لم يشهد ذلك التكريم. من هذا الاحتفاء والتكريم لتلك الشخصيات الحية والتي رأت ذلك التكريم وهي مازالت على قيد الحياة دعما معنويا وشهادة لصواب العمل الذي قاموا بهِ وأكثر روعة لذلك التكريم كان قرار المجلس ومن داخل القاعة بأن تذهب القيادة وبمعية مدير عام المديرية لتكريم أحد أبطال الحراك السلمي الجنوبي وعضو الحوار الوطني في مؤتمر شعب الجنوب وأحد مؤسسي المجلس الشعبي لمدينتي التواهي والقلوعة وهو العميد ناصر الطويل الذي تم تكريمه في قسم الإنعاش بمستشفى باصهيب العسكري.. تلك اللفتة الإنسانية المتواضعة كانت عملا نال استحساننا جميعا وحتى الطاقم الطبي الكوبي في المستشفى شعر بسعادة لرؤيته ولأول حالة من نوعها أن يتم الاهتمام من قبل قيادة المجلس الشعبي والمدير العام وعمادة منتدى الحريري والشعوي للتصالح والتسامح.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى