من حقنا أن نعيش

> منصور الصبيحي

> يعتبر حق الإنسان في الحصول على لقمة العيش والعلاج والرعاية الصحية مبدأ مكفول لكل البشر على اختلاف ألوانهم وأجناسهم وأديانهم، وبغض النظر عن توجهاتهم وانتماءاتهم. لكن هذه الحقوق اعتبرت من قبل الحكومة اليمنية المتهالكة آخر وسائل الإذلال والتركيع، والتي لجأ إليها أولئك ضد أبناء المناطق الجنوبية كرصيد جديد من العذاب الذي يضاف إلى رصيد هذا الشعب المكلوم والصابر المحتسب، بغرض إجباره على الإذعان لكل الأوامر الصادرة من قبلهم، والامتثال طواعية لتنفيذها دون قيد أو شرط، ومن دون شطب أو حذف أو تعليق، وذلك ليس إلا ليظل صاغراً ساجداً مؤدياً التحية وإلى الأبد!.

وهكذا تتضح الصورة جلية لتكشف عن مدى زيف وادعاءات أولئك القوم حول مدى التزامهم بضرورة الحفاظ على حياة الإنسان كشرط رئيسي أولاََ وقبل كل شيء، وقبل أي مشاريع تصاغ مهما كانت أهميتها باعتباره رأس مال الأوطان غير القابل للإلغاء أو التًعديل.
وهذا ما يلخص مستوى السقوط الأخلاقي وما وصلت إليه دناءة أولئك المتحكمون بالرقاب، كأسلوب قذر في مواجهة شعب لا يسعى في عمله إلا لنيل حقه المشروع في الحرية والعيش الكريم وبما يلبي طموحاته وتطلعاته كقاعدة تنطلق إليها ومنها الأجيال القادمة إلى الفضاء الرحب.

وعلى هذا الأساس يمكننا القول إن هذه السياسة تعكس نفس السياسة بصورتها النمطية التي انطلق منها صالح ونظامه يوماً ما، من بعد حرب 94، بحيث جعل من المعاش والراتب وسيلة من وسائل السيطرة ترغيباً وترهيباً استهدف به أولاََ الضباط العسكريين الجنوبيين آنذاك، وثانيها الكفاءات المدنية والسياسية، وآخرها شعب بأكمله.

لكن يبقى الفارق بين الأمس واليوم هو التفكك الذي كان حاصلاً وعاني منه الجنوبيين آنذاك، ومستوى التماسك الذي بدا حاضراً بعد بروز الكثير من المتغيرات على الساحة، وهذا ما يؤكد ويعطي مؤشراً واضحاً إلى عدم وقوع الجنوب مرة أخرى فريسة للشمال لامتلاكه مقومات جعلت التكافؤ بين الجانبين أمراً في غاية الأهمية بالنسبة للعرب وبالأخص دول الجزيرة العربية ممثلة بالمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، بما يعطيه من دفعة تعزز حضوره القوي على الساحة، ويفتح أبواباً قد تجعل منه يوماً لاعباً قوياً على مستوى المنطقة ككل، لما يتمتع به من تجانس وتقارب في توجهاته معهم ومع من حوله من دول الإقليم والمنطقة.

وبما أن الشرخ الاجتماعي الذي أوجده نظام صالح ومن بعده في أوساط الجنوب والشمال على خلفية الإخفاق السياسي والفشل الذي أصاب منظومة الحكم بالشلل التام لعدم قدرته على إيجاد آلية تقارب نسبي بين الجميع إلا على طريقة واحدة وهي استباحة طرف ظهر مستقوياً بما لديه من إمكانيات متاحة وبما حققه وفق ذلك من نصر عسكري على الطرف الآخر، فقد كان ذلك كفيل بأن يجعل من التباعد بين الجانبين إلى ما لا نهاية، وحدا بالمتلقي الضعيف في المعادلة بأن يبحث عن مؤازرين ومناصرين لقضيته. وبحيث إنه لم يذهب بعيداً لما قد يضر بعلاقاته مع من حوله وما قد يترتب عليها من تهديد للأمن القومي الإقليمي.

لذلك قد تكون الأيام المقبلة هي الكفيلة بلملمة الكثير من مشاكل الجنوب بناءً على ما تقدم عليه دول التحالف من محاولة لبناء الثقة بين الأطراف، إذ ستزرع البسمة على وجوه الكثير من أبنائه، خاصة وإذا ما خطت تلك الدول خطوات جريئة نحو معالجة الوضع المعيشي للسكان بما يعطي انطباعاً جميلاً لديهم عن الأوضاع، ويجعل العلاقة مستمرة وزاهية. وذلك يعني فقدان السيادة اليمنية على الجنوب كاملة، وسيكون هذا بمثابة دق آخر مسمار في نعشها لترحل بعدها غير مأسوف عليها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى