رجال في ذاكرة التاريخ: د. طه علي أحمد حيدر.. برز شاباً ورحل شاباً

> نجيب محمد يابلي

> كريتر
كريتر هي أصل مدينة عدن التي برزت في كل مراحل التاريخ، وسكنت أسر كثيرة وكبيرة في هذه المدينة بأحيائها العريقة: العيدروس - الخساف - الطويلة - الخليج الأمامي - القطيع - حافة حسين - الزعفران - حافة القاضي.. وغيرها، ولمزيد من تفاصيل الأسر العدنية العريقة يرجى مراجعة الكتاب المرجعي والمبارك عن عدن للباحث بلال غلام.

عميد الأسرة علي أحمد حيدر نموذج عدني ملبساً وشياكة ولساناً، وعاش في الشارع العام (الميدان) الذي حوى مقهى كشك ومقهى زكو ومبنى قصر الجزيرة ومحلات تجارية لا حصر لها وهي امتداد لمنطقة شملت سينما هريكن، ومبنى نادي الحسيني الرياضي (لاحقاً مبنى حزب التجمع وقائده عمر الجاوي رحمه الله)، والفتوات علي حيرو ومحرم وأولاد الغضب.

كان عميد الأسرة علي أحمد حيدر معروفاً بقامته، وكان رحمه الله أشبه بالمثل المصري رشدي أباظة، وكان عميد الأسرة قريبا من صديق عمره طه مستر حمود صاحب دور السينما، وكان عميد الأسرة وكيله في الإشراف على دور السينما التابعة لمستر حمود (كريتر والشيخ عثمان والتواهي والمعلا والبريقة).

الميلاد والنشأة
د. طه علي أحمد حيدر من مواليد كريتر (عدن) يوم 21 يوليو 1959م، وفيها (أي كريتر) أنهى بتفوق مراحل تعليمه الابتدائية والإعدادية والثانوية.
أدى طه حيدر الخدمة العسكرية خلال الفترة 1978/ 1980م، وتميز رحمه الله بالانضباط الصارم وهي الفترة الإلزامية للطالب بعد إنهاء دراسته الثانوية.

غادر طه حيدر أرض الوطن إلى الاتحاد السوفييتي (سابقاً) للدراسة الجامعية، ويحسب له تحليله بروح المسؤولية والانضباط والتفوق العملي، والتحق بجامعة لينينجراد (سانت بطرسبورج حالياً)، وحصل على درجة البكالوريوس بامتياز عام 1986 في العلوم الفلسفية، ثم أنهى درجة الماجستير بامتياز عام 1987 من نفس الجامعة في العلوم الفلسفية.

انضم طه حيدر إلى طاقم جامعة عدن كرئيس لقسم التأهيل والتدريب بإدارة العلاقات الخارجية خلال الفترة من 1 يونيو 1990م حتى 2 أبريل 1991 في ديوان جامعة عدن، وتحلى خلالها بدماثة الخلق وحب محيطه.

طه معيداً في قسم الاجتماع
انضم طه حيدر إلى الهيئة التدريسية لجامعة عدن كمعيد في قسم الاجتماع اعتباراً منن 3 أبريل 1991م، وبدأ يحضر لرسالة الماجستير في علم الاجتماع التربوي بجامعة عدن، وحصل على درجة الماجستير عام 1994م، وعيّن مدرساً في قسم علم الاجتماع اعتباراً من العام 1994م، وبدأ يحضر للدراسة في مساق الدكتوراه في جامعة سانت بطرسبورج في روسيا الاتحادية، ودافع عن أطروحته في علم الاجتماع التربوي وحصل على الدكتوراه عام 1996م.

د. طه حيدر في دائرة الضوء
د. طه علي
د. طه علي
عيّن د. طه حيدر أستاذاً مساعداً في قسم الاجتماع اعتباراً من الفاتح من يوليو 1997، وبرزت طاقته وإبداعه في العمل بين مدرجات الجامعة وأروقة المنتديات والمؤسسات في المناسبات الاجتماعية والتربوية في الداخل والخارج، وتحلى بالموضوعية والرصانة في الطرح والاجتهاد في البحث والدراسة، ونال إعجاب زملائه وطلابه وكل من عرفه.

عيّن د. طه رئيسا لقسم الخدمة الاجتماعية بكلية الآداب جامعة عدن ابتداء من 13 يناير 2002م، وكان القسم جديداً وتحمل د. طه مهام النهوض به وشيد أساسه باقتدار ملحوظ حتى وفاته مساء الأربعاء 29 يناير 2003م.

هذا ما حققه الفقيد على الصعيدين العلمي والأكاديمي
1 - دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية في مقاومة عملية التغريب الثقافي قبل الاستقلال الوطني في مدينة عدن ندوة عدن تعز اليمن، الماضي، الحاضر، المستقبل، الجزء الأول، دار جامعة عدن للطباعة والنشر 1999 ص 271، ونشر في مجلة العلوم الإنسانية الاجتماعية لجامعة عدن لعام 2001م.
2 - اتجاهات طلاب كلية الآداب نحو النشاط اللاصفي.
3 - تأهيل المعاقين (دراسة حالة) نشر في مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية لجامعة عدن لعام 2002م.
4 - البطالة وأثرها على التحصيل العلمي (دراسة حالة - محافظة عدن).
5 - دور التنشئة المدرسية في تنمية الشخصية المبدعة، نشر كتاب أعمال المؤتمر العلمي السادس (الحرية والإبداع) كلية الآداب والفنون، جامعة فيلادلفيا لعام 2002م.
6 - ورقة عمل بحثية موسومة: “العنف الأسري في المناهج التعليمية الجامعية (نموذجا: قسمي علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية في كلية الآداب)” مقدمة إلى حلقة النقاش العلمي حول العنف الأسري وأثره على الصحة النفسية للمرأة والطفل المنعقدة في 9 أكتوبر 2002م.
7 - المشاركة في الندوات وورش العمل وتقديم المحاضرات في الندوات التدريبية التي تنظمها وزارة الشؤون الاجتماعية.
8 - الإشراف على بحوث البكالوريوس والماجستير.

ماذا قال الزملاء والمحبون في فقيدهم الغالي؟
أ.د. صالح علي باصرة رئيس جامعة عدن قال: “كان فقيدنا د. طه علي أحمد باحثا جاداً ومحاضراً حيوياً جمع بين الإخلاص في العمل ودماثة الخلق، فكان محل إعجاب وتقدير زملائه وطلابه وكل من عرفه، لقد فقدت جامعة عدن والعمل الأكاديمي اليمني باحثاً أكاديمياً مقتدراً، وفقدت أسرته فيه أباً حنوناً، كما فقده طلابه ومحبوه مربياً وصديقاً رائعاً ونادر المثال.
تغمده الله بواسع رحمته وألهم أسرته وذويه وكل محبيه الصبر والسلوان”.

د. سليمان فرج بن عزون عميد كلية الآداب
“لقد كانت الفاجعة كبيرة وقاسية بالرحيل المبكر والمفاجئ للصديق د. طه علي أحمد الذي فقده الوطن وفقدته جامعة عدن وكلية الآداب وقسم الخدمة الاجتماعية.. لقد عرفته منذ التحاقه بكلية التربية والعلوم والآداب في بداية التسعينات وحتى اللحظات الأخيرة قبل رحيله، لقد جمعتنا معاً مواقف وأحداث طيبة وهو معيد ثم مدرس ثم أستاذ مساعد ورئيس قسم الخدمة الاجتماعية، لقد كان رحمه الله إنساناً خلوقاً جاداً ومثابراً وشعلة من النشاط والحيوية ويحظى باحترام وتقدير الجميع”.

د. معن عبدالباري قاسم
من حي الخساف الشعبي العدني تشبعت شخصية د. طه بمواصفات ومميزات البيئة المكانية وانعكست في سلوكه العفوي البسيط المتواضع الشعبي، ظل كابن حافة أصيل رغم كل متغيرات الزمان والمكان، خلال فترة نشطاه الأكاديمي حرص على الموازنة بين رفع وتطوير مقدراته العلمية والأكاديمية ودماثة الخلق الودية خفة الروح، والإحساس بمعاناة وهموم الآخرين”.

د. محمد أحمد العبادي
“لقد اختطف القدر أبا عماد وهو في أوج وقمة نشطاه العملي والأكاديمي؛ إذ أن إسهاماته الكبيرة في تأسيس قسم الخدمة الاجتماعية وإسهامه من قِبل في تعزيز مكانة قسم علم الاجتماع في كلية الآداب، بالإضافة لأبحاثه ودراسته المتعددة خير دليل على ذلك النشاط الإبداعي الكبير، رحم الله أبا عماد رحمة الأبرار”.

د. سمير عبدالرحمن الشميري
“إن سجايا وخصال د. طه كثيرة لا تحتاج إلى دليل، فهو صاحب عين متيقظة ومن ألطف الناس معشراً، طاهر اليد واللسان والوجدان، بهي كعقلة شمس، وصاحب هيئة ووقار من العيار الثقيل ونزيه لا يتقصد المكاسب الرخيصة، ولا يتميز بمنطق الاستعلاء والتكبر، ففي داخل الأسوار الأكاديمية أو خارجها تميز بالاستقامة وبُعد البصيرة، لا يتحدث إلا بقدر الضرورة، ولا تمتزج شخصيته بالغرور والسطحية، ولا يشعر بالندم من مواقفه التي ينتصر لها وإن كان في عنق الزجاجة، فمنذ أن رقد رقدته الأبدية يوم الأربعاء 29 يناير 2003م وأنا مشحون بروح الكآبة والحزن، ومن هول صدمتي أعاني من كدر مرير لفقدان صديق حميم له مكانة خاصة في عروش القلوب، العزاء كل العزاء لعائلته الكريمة ولشقيقاته وطفليه عماد ومعاد، إنا لله وإنا إليه راجعون”.

د. مسعود عمشوش
“وقبل أي شيء آخر أقدّر في زميلي د. طه علي أحمد حرصه الشديد على أداء مهامه بدقة وعلى الحضور الدائم والمشاركة الفاعلة في مختلف النشاطات العلمية والثقافية التي تنظم على مستوى الكلية وعلى مستوى الجامعة وكذلك على مستوى مدينة عدن.. إنا لله وإنا إليه راجعون”.

السيد ليونارد وي فوس ممثل منظمة اليونيسيف
“كان الفقيد د. طه علي أحمد رجلاً متحمساً كثيراً لتطوير برنامج العنف ضد الأطفال، وساعد المنظمة كثيراً لتطوير هذا البرنامج”.

د. محمود شائف
“يا أبا عماد.. قبل ساعات قليلة من رحيله كنت سرباً من فراشات الربيع الحالمة، كنت شهداً من رحيق الأقحوان المنتشي يفوح عطراً في الرياض الهانئة فيضيف للروض عبيراً وجمالاً وبهاء”.
رحل د. طه علي أحمد حيدر عن دنيانا شاباً يوم الأربعاء 29 يناير 2003م، حيث بدأ عطاءه الأكاديمي والعلمي والاجتماعي شاباً وخلف وراءه أرملة وولدين: عماد ومعاد، وشقيقات ثكلاوات، ومحبين.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى