الخارجية اليمنية تعاني من رهاب القضية الجنوبية

> د . مروان هائل

> هناك أسئلة كثيرة عن الدبلوماسية اليمنية تبحث عن إجابة، ومنها، مثلا: من يقدر أن يحدد ما هي الاتجاهات الرئيسية للدبلوماسية اليمنية الحديثة؟ من يستطيع أن يصف ما هي البيئة الوطنية والرسمية التي يعمل فيها الدبلوماسي اليمني في الوقت الحاضر؟ وما هي مبادئ الدولة التي تعتمد عليها السياسة الخارجية لليمن؟

الخارجية اليمنية اليوم مثل الأمس مهترئة وتعمل في ظروف من الإهمال التام للصفات المهنية لممثليها الدبلوماسيين، الذين البعض منهم عبارة عن "صداع" للسياسة الخارجية اليمنية، بسبب عدم كفاءتهم وفرضهم من قبل مشايخ القبائل وأحزابها على الدبلوماسية اليمنية.

لقد كشفت حرب اليمن الأخيرة عن زيادة في جيل الدبلوماسيين الراديكاليين، البعض منهم يتبع أجندات خارجية ضارة بالدولة والنسيج المجتمعي، وهذا واضح في تصريحات وكتابات هؤلاء الدبلوماسيين الراديكاليين الرخيصة، التي تحرض دون توقف على الحرب ضد الجنوبيين، وكأنهم ليسوا جزءا من الدولة التي يمثلونها، والواضح كذلك من كتاباتهم البائسة أنها تعكس حالة رهاب شديدة من القضية الجنوبية.

الخارجية اليمنية مستعدة للتفاوض مع العالم أجمع حول الحوثيين وقبائل حجور وتباب نهم وسفلتة طرق مأرب وترميم وأسواق قات ذمار وسائلة صنعاء، أما القضية الجنوبية بالنسبة لها لا تستحق عناء التفاوض وحلها من وجهة نظر الخارجية يفضل بالطريقة العفاشية - الإصلاحية كما في 1994، أو الحوثية في 2015، وهذه الحلول اليوم الخارجية اليمنية شاهدة على تجهيزاتها في الحشود العسكرية في أبين وشبوة وتتكتم عليها.

إن دعم استمرارية حكم القبائل ودبلوماسيها وتابعيها كنظرية وممارسة لخلق مجتمع في إطار دولة اتحاد الشمال مع الجنوب بالقوة نظرية فاشلة ولعنة عفى عنها الزمن ولن تعود كالسابق رغم دعم الخارجية اليمنية الخفي لهذا اللوبي القبلي الجاهل القادم من وراء التاريخ، والمقرف هو استعداد بعض من رجال الدبلوماسية الحالية والسابقة على الاعتراف بفرض نظام القبيلة الوحشي ومتطرفيها الدينيين على البلاد والتوقيع على الالتزام بالصمت على الأساليب القمعية الشمولية لها، ومستعدين كذلك أن يظهروا علانية وعلى مسؤوليتهم التاريخية تعاطفهم مع هذه اللعنة ومع عقيدتها الاستبدادية.

التفرد القبلي في قرار الدولة وفي الدبلوماسية بالذات، هو الذي أفشل تجربتنا الفريدة في الوحدة، وأضر في علاقاتنا الدولية، وبسبب هذا التفرد المتخلف تم تسليم مناصب دبلوماسية كمكافأة لشيوخ للقبائل وأبنائهم لمشاركتهم في الحروب ضد الجنوب، متناسين أن الدبلوماسي الحقيقي هو أيضا شخص مقاتل، لكن سلاحه الرئيسي المعرفة وعقل تحليلي وتفانٍ في خدمة وطنه، ولذلك سيتعين على المجتمع الدولي أن يفكر بعناية فيما إذا كان بإمكانه الاستمرار في الثقة بالدبلوماسية اليمنية، الذين للأسف البعض من ممثليها "شقاة" لا يفقهون في أن الدبلوماسية والنزاع المسلح نقيضان، وأن واحدة من مهمة الدبلوماسي ليست فقط في منع الصراعات، ولكن أيضًا خلق ظروفا مواتية للسلام والتنمية، مع احترامي وتقديري الكبير للقلة من كادر السلك الدبلوماسي الحاليين والسابقين من عمل ومن لازال يعمل بصمت ووطنية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى