الاتحاد الأوروبي وأمريكا واليمن.. سياسية جديدة أم إحياء لخطة كيري؟

> "الأيام" حيروت:

> تعلّم العالم أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية تسير وفق استراتيجية معيّنة، حتى وإن تبدّلت الإدارات ما بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي، وتعاقبت الأدوار ما بين رئيس في أقصى اليمين ورئيس في أقصى اليسار وآخر معتدل في سياسته، إلا أن هذه الاستراتيجية تسير في طريقها المرسوم سلفاً، لكن الأولويات تتبدل وفقاً للظروف ومتغيرات الأحداث، كذلك الأدوار تتغيّر بما يخدم هدف الاستراتيجية العامة، فالسياسة الأمريكية عبارة عن سلسلة، وكل إدارة تمثّل حلقة من حلقاتها.

ويأتي دور واشنطن في إنهاء دعمها للحرب التي تشنها السعودية باليمن، وإحياء العملية السياسية، في إطار البدائل التي طُرحت في الاستراتيجية العامة في التعامل مع حرب اليمن، إذ إن توجه الإدارة الأمريكية لا يعدو عن كونه استكمالاً لدور إدارة ترامب الذي استهلّته إدارة أوباما، حيث مازلنا نتذكر أن عاصفة الحزم أُعلنت بولاية أوباما، ومن السفارة السعودية في واشنطن. أما المد والجزر بين إدارة أمريكية وأخرى في ما يخص حرب اليمن، فإنه يأتي بحسب المتغيرات الدولية والإقليمية، كذلك المحلية المتمثلة باليمن، ودور كل إدارة من هذه الإدارات يتمثّل في التعامل مع الواقع بما يخدم السياسة الأمريكية، ويحقق أهدافها الاستراتيجية.

ففي حين ثبت للإدارة الأمريكية الحالية أن عامل حرب اليمن لم ينجح خلال ست سنوات، اتجهت نحو تبنيها للتسوية السياسية، فضلاً عن أن لها أولويات أخرى بحسب تصريحات مسؤولين في البيت الأبيض، مثل التفرّغ لمواجهة صعود التنّين الصيني، الذي إذا استمر صعوده الاقتصادي بنفس هذه الوتيرة التي هي عليه اليوم، فإنه سيكون الاقتصاد الأول عالمياً في غضون خمس سنوات، بحسب أغلب الدراسات. لذلك يرى مراقبون أن الولايات المتحدة تهدف في هذه المرحلة إلى إسكات المدافع في اليمن، وإعادة إحياء العمل الدبلوماسي مع إيران، للتفرّغ لمواجهة ما تعتبره التهديدات الكبرى.

إن إطفاء الحرائق ومواجهة الأخطار الكبرى كما يبدو، ليس من أولويات إدارة بايدن فحسب، بل لقد انسحب ذلك على مواقف العديد من الدول، ولعل أبرزها موقف الاتحاد الأوروبي الذي أتى متماشياً مع الموقف الأمريكي. حيث صوّت البرلمان الأوروبي، يوم أمس، بالأغلبية على مشروع قرار يدعو لانسحاب جميع القوات الأجنبية من اليمن لتسهيل الحوار السياسي بين أطراف النزاع، في الوقت الذي يجري فيه المبعوث الأميركي لقاءات مع القيادات السعودية واليمنية في الرياض، بهدف الوصول إلى تسوية سياسية.

وأكد القرار الأوروبي ألّا حل للأزمة اليمنية إلا عبر مفاوضات بقيادة يمنية تشمل جميع مكونات الشعب، كما يدين أعمال العنف في البلاد منذ 2015 والتي تسببت في أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
وشدد مشروع القرار على دعم جهود المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن مارتن جريفيثس لدفع العملية السياسية، كما طالب باتخاذ إجراءات حازمة تجاه مجلس الأمن الدولي لإحالة الوضع في اليمن إلى المحكمة الجنائية الدولية، وتوسيع قائمة الأشخاص الخاضعين لعقوبات مجلس الأمن.

وفضلاً عن تماشيه مع أمريكا في الحرب على اليمن وفي الدعوة إلى السلام، فإن الاتحاد الأوروبي يسعى إلى لعب دور سياسي موازٍ لأمريكا ومنافس لبريطانيا في اليمن، لاسيّما بعد انفصالها عنه. كما أن لكل قوة من هذه القوى الدولية مصالحها الخاصة والمشتركة في اليمن ومحيطه الإقليمي، لذلك تتسابق جميعها للظفر بهذه المصالح، من ناحية، وتسعى للعب دور سياسي يكفّر عن تأييدها ودعمها للحرب على اليمن، من ناحية أخرى.

من المعروف أن المجتمع الدولي، لاسيّما الدول العظمى، تعتبر الضحايا أرقاما، ولا تولي أهمية لما هو مشروع أو غير المشروع، إنما تتعامل مع الدول والمجتمعات وفقاً لمصالحها من خلال الأمر الواقع وليس المثاليات.

وبالتعاطي مع هذه المعطيات وغيرها، نخلص إلى أنه إذا ما نفذت إدارة بايدن لوعودها، ومن خلفها التزم الاتحاد الأوروبي بقراراته، فإنه من المتوقع أن يأتي يوم 26 مارس الذي يذكرنا بأول أيام الحرب في اليمن في ذكراه السادسة، وقد اتجهت الأطراف اليمنية التي فرضت أمراً واقعاً إلى طاولة المفاوضات، ومن المؤكد أنه ليس بمقدور أي قوة من هذه القوى الفاعلة أن تنفرد باليمن وتحكمه لوحدها، يثبت ذلك مضي ست سنوات من الصراع لم ينتصر فيها أحد، لذلك يرى خبراء أن اليمن يتجه نحو مشاورات سياسية تفضي إلى تشكيل حكومة مشتركة، تتشارك فيها القوى الفاعلة انطلاقاً من فكرة الأقاليم التي باتت مرسومة بالدم، لكن ما لا يبدو واضحاً هو: هل يتم إحياء خطة كيري وتحديثها بما يتناسب مع الأمر الواقع في اليمن أم أن في جعبة الاتحاد الأوروبي خطة أخرى؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى