وصايا الرسول ﷺ في شهر رمضان المبارك

>
إن شهر رمضان الكريم شهر العبادات والطاعة، فهو شهر المغفرة من الذنب والرحمة والعتق من النار، وفيه تفتح أبواب الجنة وتقبل التوبة ويستجاب الدعاء فيه.

ويُعَدّ الصيام أحد أركان الإسلام العظيمة التي لا تكتمل إلّا به، وقد وردت الكثير من الأدلّة التي تُبيّن فضل الصيام، ومنها قول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: "مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ"، ويختلف مقدار الأجر والثواب بين الصائمين؛ ويعتمد هذا الاختلاف على أفعال المسلم أثناء الصيام، ومقدار التزامه بالآداب الإسلامية، أو عدم التزامه بها، وعلى مقدار ما يكون في قلبه من إخلاص لله -تعالى- في صيامه، ومن أعظم النِّعَم التي أنعمَ الله بها على عباده أن جعل لهم شهر رمضان شهرًا للزيادة من الحسنات والطاعات، وموسمًا للأعمال الصالحة.

وقد حرص النبيّ -عليه الصلاة والسلام- على أداء العبادات فيه، حتّى إنّ ابن القيّم قال في صفة عبادته -عليه الصلاة والسلام- في رمضان إنّه كان يخصّ عبادة الله -تعالى- في رمضان بما لا يشابهها في شهور السنة الأخرى؛ فيتعبّد في الليل والنهار منه، وقد أخبر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عن فضل دخول رمضان، فقال: "إذا كانَت أوَّلُ ليلةٍ من رمَضانَ صُفِّدتِ الشَّياطينُ ومَردةُ الجِنِّ وغلِّقت أبَوابُ النَّارِ فلم يُفتَحْ منها بابٌ وفُتِحت أبوابُ الجنَّةِ فلم يُغلَقْ منها بابٌ ونادى منادٍ يا باغيَ الخيرِ أقبِلْ ويا باغيَ الشَّرِّ أقصِر وللَّهِ عتقاءُ منَ النَّارِ وذلِك في كلِّ ليلةٍ".

قال الله تعالى: ((شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)).

كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أحسن الناس خُلقاً؛ فقد امتدحه المولى -سبحانه- بقوله: ((وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ))،ومن هنا فقد نهى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عن كُلّ ما يُنقص من أجر الصيام في رمضان؛ من سوء الخُلق، وغيره، فقال: "الصيامُ جُنَّةٌ ، فإذا كان أحدُكم صائمًا فلا يَرفُثْ ولا يَجهلْ ، فإنِ امْرُؤٌ شاتَمَه أو قاتَلَهُ فَليَقُلْ إنِّي صائمٌ"، ويُشار إلى أنّه كان من هَديه -عليه الصلاة والسلام- أيضاً في شهر رمضان توجيه الناس إلى خيرَي الدُّنيا والآخرة، وحَثّ الناس على استغلال رمضان، والأوقات المباركة فيه، كليلة القَدْر؛ وذلك لشدّة رحمته، وإشفاقه، ومَحبّته لأمّته، وإرادة الخير لهم؛ بحَثّهم وتشجيعهم على فِعل الخيرات، والإكثار من الطاعات؛ للوصول إلى مغفرة الله، ثُمّ الجنّة.

فليس شهر رمضان شهر خمول ونوم وكسل كما يظنه بعض الناس، ولكنه شهر جهاد وعبادة وعمل، لذا ينبغي لنا أن نستقبله بالفرح والسرور والحفاوة والتكرم، وكيف لا نكون كذلك في شهر اختاره الله لفريضة الصيام ومشروعية القيام وإنزال القرآن الكريم لهداية الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور، وكيف لا نفرح بشهر تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتغل فيه الشياطين وتضاعف فيه الحسنات وترفع الدرجات وتغفر الخطايا والسيئات.

لذلك لن يجد المسلم شخصًا يكون قدوة له، ويتعلم منه كيفية العبادة بطريقة صحيحة كالرسول- صلى الله عليه وسلم-، وعليه يبدأ في اتباع وصايا الرسول ﷺ في شهر رمضان المبارك وهي:

لقد أوصانا الرسول -صلى الله عليه وسلم- بتبادل التهنئة بقدوم الشهر الكريم، فعن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يبشر أصحابه بحلول شهر رمضان فيقول: "أتاكم شهرُ رمضانَ ،شهرٌ مبارَكٌ، فرض اللهُ عليكم صيامَه، تفتحُ فيه أبوابُ الجنَّةِ، و تُغلَق فيه أبوابُ الجحيم، وتُغَلُّ فيه مَرَدَةُ الشياطينِ، وفيه ليلةٌ هي خيرٌ من ألف شهرٍ، من حُرِمَ خيرَها فقد حُرِمَ".

على المسلم الصائم أن يعجل بإفطاره، فقال: الرسول- صلى الله عليه وسلم-”لا يزالُ النَّاسُ بخيرٍ ما عجَّلوا الفِطْرَ".

كذلك من السنن المستحبة إفطار الصائمين، فقال الرسول- صلى الله عليه وسلم-: "من فطَّرَ صائمًا كُتِبَ لَهُ مثلُ أجرِهِ ، إلَّا أنَّهُ لا ينقصُ من أجرِ الصَّائمِ شيئًا ومن جَهَّزَ غازيًا في سبيلِ اللَّهِ أو خلفَهُ في أَهْلِهِ كُتِبَ لَهُ ، مثلُ أجرِ الغازي إلَّا أنَّهُ لا ينقصُ من أجرِ الغازي شيئًا".

يفضل أن يفطر الصائم على تمر فإن لم يجد فعلى الماء، وفي ذلك قال: الرسول- صلى الله عليه وسلم- "إذا كان أحدُكم صائمًا، فلْيُفطِرْ على التمرِ، فإنْ لم يجدِ التمرَ، فعلى الماءِ؛ فإنَّ الماءَ طَهورٌ“.

وأوصانا الرسول- صلى الله عليه وسلم- بالسحور، فقال:” تَسَحَّرُوا فإنَّ في السَّحُورِ بَرَكَةً". المصدر : صحيح البخاري.

كما أنه يفضل أن يكون السحور في وقت متأخر من الليل استنادا على قول: "زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، قالَ: تَسَحَّرْنَا مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، ثُمَّ قُمْنَا إلى الصَّلَاةِ، قُلتُ: كَمْ كانَ قَدْرُ ما بيْنَهُمَا؟ قالَ: خَمْسِينَ آيَةً" صحيح مسلم.

وعلى المسلم أن يقيم الليل في رمضان، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: عن الرسول- صلى الله عليه وسلم- قال: "مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ"، صحيح البخاري ومسلم.

وعلى الصائم أن يضبط نفسه خلال هذا الشهر الكريم ويكون مثال على أفضل الخلق استنادًا على هذا الحديث، فعن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: "قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إلَّا الصِّيَامَ، فإنَّه لي وأَنَا أجْزِي به، والصِّيَامُ جُنَّةٌ، وإذَا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فلا يَرْفُثْ ولَا يَصْخَبْ، فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ" صحيح البخاري.

إن الاعتكاف في المسجد آخر عشرة أيام من رمضان من السنن النبوية الشريفة، فقال: عبد الله ابن عمر- رضي الله عنهما- : "إنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَعْتَكِفُ في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ" صحيح مسلم، مع الإكثار من الدعاء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى