​من معارك المسلمين

> حرب العاشر من رمضان 1973 (ج1)

حتى عام 1970 لم تكن القيادة العسكرية المصرية تمتلك خططًا عسكريةً لمهاجمة القوات الإسرائيلية، والتي تحتل شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة منذ حرب 1967 وكل ما كانت تمتلكه هو خطة دفاعية أطلق عليها اسم "الخطة 200"، بجانب خطة تعرضية تسمى "جرانيت" والتي تشمل القيام ببعض الغارات على مواقع القوات الإسرائيلية في سيناء إلا أنها لم تكن بالمستوى الذي يسمح بتسميتها خطةً هجومية. بدأ الإعداد للخطط الهجومية المصرية عقب تولي الفريق سعد الدين الشاذلي منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة في 16 مايو 1971 والذي بدأ مهام عمله بدراسة الإمكانيات الفعلية للقوات المسلحة المصرية ومقارنتها بالمعلومات المتاحة عن قدرات الجيش الإسرائيلي وذلك بهدف التوصل إلى خطةٍ هجوميةٍ واقعيةٍ تتوافق والإمكانيات المتاحة للقوات المصرية في ذلك الوقت، وخلص الشاذلي من دراسته - وطبقًا للإمكانيات المتاحة - بأن المعركة يجب أن تكون محدودةً وأن يكون هدفها عبور قناة السويس وتدمير خط بارليف ثم اتخاذ أوضاعٍ دفاعيةٍ على مسافةٍ تتراوح ما بين 10 و12 كم شرق القناة، وأن تبقى القوات في تلك الأوضاع الجديدة إلى أن يتم تجهيزها وتدريبها للقيام بالمرحلة التالية من تحرير الأرض.عرض الشاذلي

فكرته على وزير الحربية الفريق الأول محمد صادق، إلا أنه عارضها بحجة أنها ستبقي ما يزيد عن 60,000 كم² من أراضي سيناء بالإضافة إلى قطاع غزة تحت الاحتلال الإسرائيلي فضلًا عن أنها ستوجد وضعًا عسكريًا أصعبَ من وضع الجبهة الحالي الذي يحتمي خلف قناة السويس باعتبارها مانعًا مائيًا جيدًا، وكان يرغب في التخطيط لعمليةٍ عسكريةٍ هجوميةٍ تهدف إلى تدمير جميع القوات الإسرائيلية في سيناء لتحريرها هي وقطاع غزة في عمليةٍ واحدةٍ ومستمرة، وفي نهاية المطاف وبعد نقاشاتٍ وجلساتٍ مطولةٍ جرى التوصل إلى حلٍّ وسطٍ تمثل في إعداد خطتين الأولى هي (الخطة 41) التي تهدف إلى الاستيلاء على المضائق الجبلية في سيناء، والثانية هي (خطة المآذن العالية) وتهدف إلى عبور قناة السويس وتدمير خط بارليف واحتلاله واتخاذ أوضاعٍ دفاعيةٍ واستنزاف إمكانيات الجيش الإسرائيلي إلى حين القيام بالمرحلة التالية من المعركة، وجرى إعداد تلك الخطة في سريةٍ تامّةٍ بعيدًا عن أعين المستشارين السوڤييت. وخلال عام 1972 أدخلت تعديلات على (الخطة 41) وتغير اسمها إلى (جرانيت 2) ولكن بقي جوهرها كما هو، وركزت القوات المسلحة المصرية على تنفيذ (خطة المآذن العالية) التي كانت تناسب إمكاناتها في ذلك الوقت، وتغير اسم الخطة في سبتمبر1973 إلى (الخطة بدر) بعد أن تحدد موعد الهجوم ليكون السادس من أكتوبر من العام نفسه. وبناءً على هذه الخطة صدرت الأوامر عن رئاسة الأركان المصرية التي أذنت ببدء المعركة وتنظيم عملية العبور.

وفي 22 يوليو 1972 طلب الرئيس السادات سحب المستشارين العسكريين السوڤييت من مصر، وقرر أن الحرب ستجري بما هو متوفر من السلاح والمعدات وضمن طاقتها التي تسمح بها، منذ تكليف السادات للقوات المسلحة بالاستعداد للحرب في مؤتمر الجيزة يوم 24 أكتوبر 1972 عملت هيئة عمليات القوات المسلحة برئاسة اللواء عبد الغني الجمسي على تحديد أنسب التوقيتات للهجوم، وذلك بناءً على عدة عواملَ منها الموقف العسكري الإسرائيلي، وحالة القوات المصرية، والمواصفات الفنية للقناة من ناحية حالة المد والجزر وسرعة التيار واتجاهه والأحوال الجوية، وذلك بهدف تحقيق أفضل الظروف للقوات المصرية وأسوئها للقوات الإسرائيلية، مع مراعاة أن يناسب التاريخ الجبهة السورية أيضًا (يبدأ الثلج والجليد في نوفمبر على مرتفعات الجولان فتوجب ألا تتأخر الحرب عن أكتوبر). بناءً على العديد من الدراسات حددت شهور مايو أو أغسطس

أو سبتمبر -أكتوبر كأنسب الشهور للهجوم، وكان أفضلها شهر أكتوبر 1973 لعدة أسبابٍ منها لكونه أفضلَ الشهورِ بالنسبة لحالة المناخ على كلا الجبهتين المصرية والسورية، كما أن الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية ستُجرى يوم 28 منه وسينشغلُ الشعب والجيش بالحملات الانتخابية (باعتبار جميع المدنيين القادرين على حمل السلاح هم عناصر احتياطٍ في الجيش في إسرائيل)، وبعد دراسة العطلات الرسمية في إسرائيل حيث تكون قواتها المسلحة في أدنى استعداداتها وُجد أن يوم السبت -عيد الغفران أو كيبور- 6 أكتوبر 1973 م / 10 رمضان 1393 هـ هو الأنسب لأنه اليوم الوحيد في السنة الذي تتوقف فيه الإذاعة والتلفزة عن البث، مما سيتطلب من إسرائيل وقتًا أطول لاستدعاء الاحتياطي الذي يمثل القاعدة العريضة لقواتها المسلحة.

واختيرت الساعة الثانية بعد الظهر لانطلاق الهجوم حيث تكون الشمس جهة الغرب خلف ظهور المصريين مما يُتيح رؤيةً جيدةً جدًا للمهاجمين على عكس المدافعين في الشرق، وتقرر هذا في الاجتماع المشترك السري بين القيادتين العسكريتين المصرية والسورية برئاسة وزيرَيْ الدفاع في 22 أغسطس في قيادة القوات البحرية في الإسكندرية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى