ما علاقة اليمن بالتطورات الدولية في مجال الطاقة؟

> «الأيام» عربي بوست

> ​النفط يرتفع قبل موسم إجازات الأمريكيين.. هل تنقذ الرياض بايدن أم تفضل صداقة بوتين؟
> جاء إعلان "أوبك+" بقيادة السعودية زيادة إنتاج النفط، بمثابة أول خطوة من المملكة لتلبية دعوات واشنطن المتكررة لضخ براميل إضافية في أسواق النفط، ولكن يبدو أن الخطوة ليست كافية لتهدئة الأسعار وما زال العالم الغربي مهددًا بأزمة ركود تضخمي غير مسبوقة.
ويحتاج الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى خفض أسعار الوقود، والتي وصلت إلى أرقام قياسية، قبل انتخابات التجديد النصفي في شهر نوفمبر 2022، وبينما يستعد الأمريكيون للسفر للمصايف، فإن ارتفاع أسعار النفط قد يجعلهم يشعرون أكثر بوطأة الأسعار وسيوجهون اللوم لبايدن عليها بعد أن حول الأزمة الأوكرانية لمحور سياسته الخارجية.

ومع جعل الرئيس الأمريكي من محاصرة روسيا هدفه الأول، بدا أنه من الواضح أنه مستعد لتقديم تنازلات سياسية لخصومه أو حلفائه الذي كان غاضبًا منهم، بدءًا من السعودية وحتى إيران، وصولًا لفنزويلا.

وبعد أشهر من الضغوط الأمريكية والأوروبية، قررت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها الأسبوع الماضي، الذين يطلق عليهم "أوبك +"، زيادة إنتاج النقط بمقدار 648 ألف برميل يوميًا في يوليو وأغسطس، أو 50 % أكثر مما كان مخططًا له سابقًا.
وجاءت خطوة زيادة الإنتاج ضمن حزمة قرارات يبدو أنها تهدف إلى إصلاح العلاقات السعودية الأمريكية، والتمهيد لزيارة محتملة للرئيس الأمريكي جو بايدن للمملكة بعد قطيعة طويلة بينه وبين ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان.

واتخذت المملكة السعودية خطوات الخميس، 2 يونيو، لتعزيز إنتاج النفط وتمديد الهدنة مع الحوثيين المدعومين من إيران لمدة شهرين، وهما خطوتان مهمتان تساعدان في تمهيد الطريق أمام الرئيس بايدن لزيارة المملكة، حيث يحاول البلدان إعادة ضبط علاقتهما المتوترة، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Wall Street Journal الأمريكية.

وقد سعت الولايات المتحدة إلى كلتا الخطوتين، حيث يتطلع الرئيس إلى تنحية الانقسامات القائمة منذ فترة طويلة مع المملكة وسط ارتفاع أسعار النفط التي أدت إلى التضخم. وبينما لم تُعلَن الزيارة رسميًا، فإن تحركات الخميس تخلق زخمًا لرحلة الرئيس الأمريكي المحتملة.
وأفادت شبكة "NBC" الأمريكية الإخبارية مؤخرًا بتأجيل رحلة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، للشرق الأوسط من أواخر يونيو الحالي إلى يوليو المقبل، وقال مسؤول رفيع في الإدارة للشبكة: "نحن نعمل على رحلة إلى إسرائيل والمملكة العربية السعودية لحضور قمة دول مجلس التعاون الخليجي + 3 ".
  • الأسعار ترتفع على رغم من زيادة إنتاج النفط
وكانت هناك دلائل على أن خطة إنتاج النفط الجديدة لن تهدِّئ سوق النفط، التي قفزت فوق 100 دولار للبرميل للمرة الأولى منذ ثماني سنوات بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا في 24 فبراير، وظلت فوق هذا المستوى منذ ذلك الحين. وارتفع خام غرب تكساس الوسيط، وهو المعيار القياسي لأسعار الخام الأمريكي، بعد إعلان الزيادة، حيث ارتفع التداول بنحو 1 % إلى ما يقرب من 117 دولارًا للبرميل بعد ظهر الخميس الماضي.

ثم ارتفعت أسعار النفط بأكثر من دولارين في التعاملات المبكرة يوم الاثنين ليلامس خام برنت مستوى 121.95 دولار، وذلك بعد أن رفعت السعودية أسعار مبيعات الخام بحدة في يوليو، وهو مؤشر على مدى شح المعروض حتى بعد "اتفاق أوبك +" على تسريع زيادات الإنتاج خلال الشهرين المقبلين، حسب تقرير لوكالة Reuters الأمريكية.

ويُنظر على نطاق واسع إلى تحرك زيادة إنتاج مجموعة"أوبك +" -المكونة من 13 دولة و10 منتجين من خارج أوبك من بينها روسيا- على أنه من غير المرجح أن يلبي الطلب، حيث إن العديد من الدول الأعضاء، بما في ذلك روسيا، غير قادرة على تعزيز الإنتاج، في حين أن الطلب يرتفع في الولايات المتحدة وسط ذروة موسم قيادة السيارات مع بدء العطلات الصيفية، والصين تعمل على تخفيف عمليات إغلاق COVID.
  • زيادة إنتاج النفط
وقال جيوفاني ستونوفو، محلل سوق النفط في شركة الخدمات المالية يو بي إس، إن القرار يزيد إنتاج أوبك+ بنحو 50 % أكثر مما كان مخططًا له سابقًا، لكن من غير المرجح أن تحقق أهدافها.
وقال ستونوفو إن معظم أعضاء المجموعة يضخون بالفعل بكامل طاقتهم ولا يمكنهم ضخ المزيد، في حين أن السعوديين وعددًا قليلًا من الأطراف الأخرى هم فقط القادرون على فتح الصنابير لإنتاج المزيد.

وقال فيفيك دهار، المحلل في بنك الكومنولث، في مذكرة: "في حين أن هناك حاجة ماسة لهذه الزيادة، إلا أنها لا ترقى إلى مستوى توقعات نمو الطلب، لا سيما مع الحظر الجزئي الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي على واردات النفط الروسية في الاعتبار".

وفي وقت كان من المفترض أن يحدّ اتفاق جديد من أنشطة إيران النووية ويُخفف العقوبات الأمريكية على صادراتها من الطاقة؛ تعثّرت المحادثات بين طهران والقوى العالمية منذ شهر مارس، كما أن تجار النفط متشائمون بشكل متزايد إزاء توصّل المفاوضين إلى إبرام صفقة.
  • أمريكا تترك الباب مفتوحًا لتصدير النفط الإيراني والفنزويلي دون اتفاق
وفي مواجهة هذا الوضع، قال مايك مولر، رئيس قسم آسيا في مجموعة "فيتول" (Vitol Group)، إن الولايات المتحدة قد تسمح بتدفق نفط إيران حتى من دون اتفاق، حسبما ورد في تقرير لوكالة بلومبرج الأمريكية.

كما سمحت الولايات المتحدة لشركات طاقة أوروبية باستئناف تصدير النفط من فنزويلا إلى أوروبا، بحسب ما نقلته وكالة رويترز عن مصادر مطلعة، وهي خطوة تسهم في تعزيز إمدادات النفط لدول الاتحاد الأوروبي التي فرضت حظرًا جزئيًا على نفط روسيا.
وقال أحد المصادر إن الشرط الرئيس لبدء التصدير هو أن النفط المستلم "يجب أن يذهب إلى أوروبا ولا يمكن إعادة بيعه في مكان آخر".
  • لماذا يبدو اتفاق "أوبك+" غير كافٍ لتهدئة الأسواق؟
ظل الاقتصاديون يراقبون أسعار الطاقة والغذاء عن كثب منذ الهجوم الروسي على أوكرانيا، حيث أثار التضخم المرتفع والنمو البطيء المخاوف من أن الاقتصاد العالمي قد يدخل فترة ما يسمى الركود التضخمي.

وقال كريستيان مالك، رئيس أبحاث الأسهم في النفط والغاز في جي بي مورجان، إن زيادة إنتاج النفط من قبل أوبك من غير المرجح أن تجلب زيادة كبيرة في إنتاج النفط من المجموعة أو تخفض أسعار النفط.
وقال: "كأن المجموعة تطلق الرصاص المطاطي على سوق النفط. إنها زيادة تجميلية".

وما زاد من تقويض الثقة بالخطة أن الاتفاقية تفترض أن روسيا ستزيد إنتاجها بمقدار 170 ألف برميل يوميًا اعتبارًا من يوليو، على الرغم من انخفاض إنتاجها بمقدار 700 ألف برميل يوميًا في ظل العقوبات الغربية، ومن المتوقع أن ينخفض ​​أكثر بعد أن وافق الاتحاد الأوروبي على فرض حظر جزئي على مشتريات النفط الروسي، وبينما توقفت الصادرات الروسية خلال ذلك الوقت، يعتقد بعض مسؤولي أوبك أنه سيكون من الصعب على روسيا الاستمرار في الضخ عند نفس المستوى بعد تحرك الاتحاد الأوروبي.

وتُعَد روسيا واحدة من أكبر ثلاث دول منتجة للنفط في العالم، إلى جانب المملكة السعودية والولايات المتحدة، إذ كانت قبل الهجوم على أوكرانيا تضخ 11.3 مليون برميل يوميًا، أي حوالي 11 % من الإمدادات العالمية.
ورغم ذلك فإن الاتفاق يشكل خطوة رمزية مهمة من السعودية
وحتى لو لم تعالج خطة "أوبك+" على الفور ارتفاع أسعار النفط، فقد كان لها قيمة رمزية لإدارة بايدن، التي كانت تحاول إعادة العلاقات مع المملكة السعودية.

ومنذ بداية الأزمة الأوكرانية قاومت السعودية والإمارات محاولة الرئيس الأمريكي إقناعهما بزيادة إنتاج النفط "لممارسة أقصى قدر من الضغط الاقتصادي على روسيا"، ورفض قادتها الرد على اتصالات البيت الأبيض المتكررة.

ولكن مؤخرًا، كانت هناك موجة من الدبلوماسية بين واشنطن والرياض، حيث سافر كبار المسؤولين الأمريكيين إلى المملكة السعودية في الأسابيع الأخيرة، وسرعان ما أشاد بايدن ومساعدوه يوم الخميس بالخطوات السعودية.
وقال بايدن في بيان: "هذه الهدنة (في اليمن) لم تكن لتتحقق لولا الدبلوماسية التعاونية من جميع أنحاء المنطقة".

ورحبت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير بقرار "أوبك+" وأشادت بقيادة السعودية.
وقال دان شابيرو، السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل والذي يعمل الآن كزميل متميز في برامج الشرق الأوسط التابعة للمجلس الأطلسي، إن هذه الخطوات إشارة واضحة على أن الرئيس على وشك زيارة المملكة السعودية.

قال: "يبدو أن الأمور تجري في مكانها الصحيح. هذه هي العناصر التي يحتاجونها. لا يمكن لبايدن الذهاب إلا إذا حصل على التزامات من السعوديين بشأن إنتاج النفط وقضايا أوسع".

ولم يقل مسؤولٌ كبير في البيت الأبيض ما إذا كان بايدن يخطط لزيارة المملكة السعودية، لكنه قال إنه إذا قرر الرئيس أن "من مصلحة الولايات المتحدة التعامل مع زعيم أجنبي، وأن مثل هذه المشاركة يمكن أن تؤدي إلى نتائج، إذن سيفعل ذلك". وأشار المسؤول إلى تمديد الهدنة اليمنية على أنه "مثال واضح" على أن مثل هذه المشاركة تؤتي ثمارها.

من شأن قرار لقاء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن يمثل تراجعًا عن موقف بايدن، الذي انتقد السعودية مرارًا لسجلها في مجال حقوق الإنسان وقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في 2018. وحين كان لا يزال مرشحًا في عام 2020، قال بايدن إنه سيجعلهم "يدفعون الثمن"، وسيجعلهم "في الواقع منبوذين".

وحث بعض الديمقراطيين بايدن على الإبقاء على موقف متشدد تجاه المملكة السعودية بسبب المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان؛ ولأنهم يفضلون الابتعاد عن اعتماد الولايات المتحدة على الوقود الأحفوري بدلًا من تقديم تنازلات مشكوك فيها أخلاقيًا للحصول على المزيد من النفط من النظام السعودي.
  • هل تدفع السعودية بمزيد من الإنتاج إلى الأسواق؟ الأمر متوقف على زيارة بايدن
تمثل التحركات بشأن النفط تحولًا بالنسبة للسعوديين، الذين قاوموا دعوات من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول غربية أخرى لضخ المزيد من النفط.

ووفقًا لمسؤولين في الخليج مطلعين على المناقشات، قد يفكر السعوديون في زيادة إنتاجهم النفطي أكثر مما هو مخطط له إذا استمر الإنتاج الروسي في الانخفاض. وقال المسؤولون إن قرارهم سيعتمد أيضًا على زيارة بايدن المحتملة.
وتقول السعودية والإمارات، والأخيرة منتجة رئيسة أخرى للنفط، إنهما تريدان من واشنطن أن تعزز أمنهما بعد سلسلة من الهجمات من قبل المتمردين اليمنيين وتهديدات إيران.

في أواخر الشهر الماضي، سافر اثنان من كبار المسؤولين في إدارة بايدن -مستشار البيت الأبيض بريت ماكغورك ومبعوث الطاقة بوزارة الخارجية عاموس هوشتاين- إلى المملكة العربية السعودية لمحاولة إبرام سلسلة من الاتفاقيات للمساعدة في إصلاح العلاقات المتوترة بين البلدين. وسافر الأمير خالد بن سلمان، الأخ الأصغر لولي العهد الذي يشغل منصب نائب وزير الدفاع، إلى واشنطن لمناقشة هذه القضايا.
  • روسيا تحاول استقطاب المملكة بدورها
وأدى تراجع الاهتمام الأمريكي بمنطقة الخليج، ثم انتقادات إدارة بايدن لانتهاكات الرياض لحقوق الإنسان لدفع السعوديين نحو الشرق، وتحديدًا تجاه الصين وروسيا، وبدا أن التعامل مع أنظمة مستبدة مثل نظامي بكين وموسكو أسهل كثيرًا للرياض من الغرب، خاصة بعد اغتيال جمال خاشقجي واستمرار حرب اليمن.

ووصل الأمر إلى السعودية ناقشت مع الصين مسألة استخدام اليوان كعملة تداول عالمية في تجارة النفط، وحتى لو كان الأمر ليس واقعيًا فقد أظهر ذلك مؤشرات على أن الولايات المتحدة قد فقدت نفوذها لدى السعودية بشكل كامل.
كما توسعت العلاقة بين السعودية وروسيا، بشكل كبير، خاصة بعد أن ظهر أن التنافس بينهما على تصدير النفط، مضر للغاية للبلدين، كما حدث في أبريل 2020، عندما هبطت الأسعار إلى ما يقرب من 40 دولارًا تحت الصفر.
  • زيادة إنتاج النفط
ولذا حرصت روسيا على الحفاظ على استمرار التحالف النفطي الذي أبرمته عام 2016 مع السعوديين وأوبك. ويسيطر تحالف "أوبك+" على أكثر من نصف إنتاج النفط في العالم، ما يمنح موسكو نفوذًا على أسعار النفط الخام.

في الأيام التي سبقت الهجوم الروسي على أوكرانيا، ومنذ ذلك الحين، تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عدة مرات مع الأمير محمد، الزعيم الفعلي للمملكة، حيث أصدر في كل مرة بيانًا يشيد بأهمية "أوبك+"، بينما قيل إن الأمير محمد ولي العهد السعودي، والشيخ محمد بن زايد رئيس دولة الإمارات (ولي العهد في ذلك الوقت) رفضا في ذلك الوقت الرد على اتصالات بايدن.

سافر وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إلى الرياض هذا الأسبوع والتقى بنظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، واصفًا "أوبك+" بأنها "مهمة وحيوية". وجاءت تصريحاته في أعقاب تقرير في صحيفة Wall Street Journal الأمريكية بأن "أوبك+" تدرس إعفاء روسيا من أهدافها الإنتاجية مع تراجع إنتاجها.

يبدو أن روسيا تريد الحفاظ على علاقتها الوثيقة مع الرياض، بهدف ألا تغرق السعودية الأسواق ببديل للنفط الروسي.

لأنه إذا توفر بديل للنفط الروسي، فقد لا يفكر الغرب في حظر واردات موسكو فقط لأوروبا، فقد يعمد لمحاولة فرض حظر شامل على النفط الروسي، كما حدث مع إيران وفنزويلا اللتين لديهما احتياطات أكبر من موسكو، ورغم ذلك أدت العقوبات الأمريكية لمنع حتى الدول الأخرى من شراء نفطهما.

ومع أن الرياض قد تمتنع في الاستجابة السريعة للطلبات الأمريكية لزيادة إنتاج النفط، تحسبًا لإغضاب روسيا من ناحية، وخوفًا من انهيار الأسعار من ناحية أخرى، إضافة إلى رغبتها في تعزيز مكاسبها من واشنطن، إلا أنه على المدى البعيد، فإنها قد تجد الأفضل لها أن تأخذ حصة الروس من سوق النفط.

ولكن الأمر قد يستغرق بعض الوقت، فقد يفضل الأمير محمد بن سلمان إبقاء أسعار النفط مرتفعة قليلًا إلى نهاية ولاية بايدن، بحيث يكون تخفيض أسعار النفط هديته لحليفه دونالد ترامب الذي ما زال يأمل بأن يكون رئيس أمريكا القادم، بعد أن بات النفط ورقة انتخابية سعودية في الرئاسات الأمريكية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى