> «الأيام» غرفة الأخبار:
تبرز إيران في أذهان الحوثيين كنموذج مشرق في كل شيء، فهي الدولة التي تتولى قيادة "مواجهة الاستكبار العالمي"، وحققت قفزات نوعية في التسليح، وتسوّق كنموذج ملهم ومثالًا في التطور، مع ظهور جيل جديد من الحوثيين يتبنى مفردات لا علاقة لها باليمن ولا بالزيدية، تظهر لك مدى نجاح أدوات التسويق الناعمة للنفوذ الإيراني في البلاد.
ويتعزز شعور التعظيم ذاك، حين ينظر الحوثيون الأحدث سنًا إلى قيادة الصف الأول، من أصحاب النفوذ والقرار الحقيقي في الجماعة، ومعظمهم ممن غادروا اليمن باكرًا للدراسة في حوزات قم ومشهد، وهي المدخلات الفكرية الوافدة التي شكلت فيما بعد الجذر المؤسس للجماعة بدعم من إيران، وهي اليوم من تدير المشهد في مناطق سيطرة الجماعة.
ومؤخرًا أعلنت وزارة التعليم العالي التابعة للحوثيين فتح باب المفاضلة في 473 منحة دراسية جامعية مقدمة من إيران. وحددت 10 فئات حصرت المنح عليها: الجرحى، وأقارب القتلى والجرحى من عناصر الجماعة من الدرجة الأولى، وعناصر المليشيا في الجبهات أو في الأمن وأقاربهم من الدرجة الأولى، إضافة إلى موظفي الوزارة وأقاربهم من الدرجة الأولى. كما اشترطت شهادة دراسة اللغة الفارسية (دورتين على الأقل)، وأن يجتاز المتقدم اختبار السفارة الإيرانية وكذا المقابلة الشخصية.
ومنذ ثورة الخميني نهاية سبعينات القرن الماضي، سعت طهران لتصدير ثورتها ضمن مشروع يسعى لتوسيع النفوذ في المنطقة، وسلكت لذلك سبلًا شتى، أبرزها "الأسلوب الناعم"، في خطوة تهدف لتأسيس جيوب لها في المنطقة، وكانت اليمن على رأس الدول المستهدفة، حيث استقطبت إيران خلال التسعينيات، بدر الدين الحوثي، والذي استقر هناك واستقبل المئات من الدارسين من ضمنهم اثنين من أبنائه، وأعطته إيران حصة سنوية في الجامعات والحوزات، ليتلقى المئات التعليم الطائفي ويعودون إلى اليمن للعمل لصالحها.
وتوقف الابتعاث الرسمي من اليمن إلى إيران خلال الحرب الثالثة عام 2006، لمدة تسع سنوات، وفق تصريح لوزارة التعليم العالي عام 2015، غير أن الجماعة استمرت في إرسال عناصرها خارج الأطر الرسمية وبأعداد قليلة.
وبعد انقلاب الحوثيين على الدولة حرصت على عودة الابتعاث رسميًّا، وطالب القيادي في الجماعة محمد علي الحوثي، عام 2016، السفارة الإيرانية بمنح سنوية، وفق ما أظهرته وثيقة نشرت لاحقا، أظهرت أيضا موافقة السفارة التي أعطت الجماعة 45 منحة، لطلبة أرسلوا حينها من بيروت إلى إيران.
وبحسب تقارير صحفية فقد بلغ عدد الدارسين اليمنيين في إيران عام 2016، 600 طالب، 90 بالمئة منهم يدرسون في الحوزات والمراكز التابعة للمرجعيات الطائفية. وفي العام 2020 أعلنت وسائل إعلام الجماعة عن تأسيس اتحاد الطلاب في إيران، في حفل حضره القنصل التابع لها عدنان قفلة، ما يشير إلى ارتفاع العدد.
كما نفذ الحوثيون منذ الانقلاب، خطوات هدفت لتمتين العلاقة بإيران الحليف والداعم الأبرز، وسعوا إلى مأسسة التغلغل الثقافي الإيراني في اليمن، عبر إجراءات من بينها افتتاح قسم اللغة الفارسية في جامعة صنعاء، إضافة إلى ربط النظام التعليمي بنظام إيران، من خلال فتح الفروع لجامعات إيرانية، أبرزها جامعة آزاد - إحدى أذرع النظام الإيراني الناعمة، وأسسها الرئيس الأسبق ورجل الدين هاشمي رفسنجاني ووافق عليها "المجلس الأعلى للثورة الثقافية" عام 1982- وكشفت وكالة أنباء "مُهر" عام 2021، عن مخطط لإنشاء فرع للجامعة في صنعاء، ضمن مشروع واسع لفتح فروع في سوريا وبغداد، وسبق أن استهدفت عددا من الدول من بينها لبنان.
وجاء الإعلان عقب لقاء وزير خارجية حكومة الميليشيا هشام شرف بمندوب إيران "حسن إيرلو" في صنعاء، ناقش سبل تطوير العلاقات والدفع بها إلى آفاق أوسع، "خاصة في المجالات الصحية والتعليمية والأبحاث العلمية"، وفقا لإعلام الحوثي.
ولا يقتصر الأمر على اليمن، فإذا أردت أن تعرف مخطط إيران في بلد ما فمؤشرها المنح، فهي تسعى أولا إلى إيجاد جيل من الشباب المرتبط بها روحيًّا وثقافيًّا والمؤمن بنظام الملالي، وفي أبريل الماضي، قال رئيس جامعة "شاهد"، أحمد جلدوي، إن جامعته "منحت العام الماضي دراسة مجانية لـ 50 طالبًا من مختلف دول المقاومة، وهذا العام سيزيد العدد وسنقوم باستقطاب وتدريب طلاب من 18 دولة".
وفي حديثها لـ"المصدر أونلاين"، قالت الباحثة اليمنية في الشأن الإيراني، أمل عالم، إن "المنح الدراسية هي نوع من أنواع القوة الناعمة الإيرانية، تستهدف بالدرجة الأولى شريحة البكالوريوس حيث أعمار المستفيدين من المنح تكون صغيرة في مرحلة تشكيل الفكر والمعتقد، وغالبًا ما يكون الدارسين في إيران هم من أبناء المذهب الشيعي الاثنا عشري أو أحد الطوائف الشيعية الأخرى أو من يميلون لهم٬ وهي أيضا شكل من أشكال خلق العلاقات بين أبناء المذاهب الشيعية في المنطقة فيما بينهم من جهة وترسيخ التوجهات الأيديولوجية الإيرانية لديهم من جهة أخرى، حيث تمنح إيران مئات المنح الدراسية سنويًّا ضمن ما يعرف بمحور المقاومة وتقدم للأحزاب الموالية لهم وكذلك لرجال دين في المنطقة بعيدًا عن وزارات التعليم والمعايير والمفاضلات التابعة لها".
وأضافت: "في اليمن، تستفيد ايران من ذلك على المدى البعيد، من خلال الانفتاح على المجتمع اليمني ونشر فكرها الأيديولوجي تدريجيًّا بحيث لا تتم مواجهته، إيران بلد مجهول بالنسبة لليمنيين ارتبط اسمه باليمن مؤخرًا بسبب الحرب أما قبل ذلك فلم يكن يحضر في أذهان اليمنين٫ لذلك ذهاب المئات سنويًّا للدراسة ضمن شرط الانتماء الفكري والعقائدي كمعيار للقبول، يعني أن هؤلاء سيعودون إلى بلدانهم مشبعين بالفكر الأيديولوجي الإيراني، وبشكل أو بأخر ينقلون هذه الأيديولوجيا إلى اليمن، وهو أيضًا نوع من أنواع التطبيع البطيء للاعتياد على كل ما هو إيراني وإيجاد تقارب بما في ذلك تقارب شعبي" كما قالت.
"المصدر أونلاين"
ويتعزز شعور التعظيم ذاك، حين ينظر الحوثيون الأحدث سنًا إلى قيادة الصف الأول، من أصحاب النفوذ والقرار الحقيقي في الجماعة، ومعظمهم ممن غادروا اليمن باكرًا للدراسة في حوزات قم ومشهد، وهي المدخلات الفكرية الوافدة التي شكلت فيما بعد الجذر المؤسس للجماعة بدعم من إيران، وهي اليوم من تدير المشهد في مناطق سيطرة الجماعة.
ومؤخرًا أعلنت وزارة التعليم العالي التابعة للحوثيين فتح باب المفاضلة في 473 منحة دراسية جامعية مقدمة من إيران. وحددت 10 فئات حصرت المنح عليها: الجرحى، وأقارب القتلى والجرحى من عناصر الجماعة من الدرجة الأولى، وعناصر المليشيا في الجبهات أو في الأمن وأقاربهم من الدرجة الأولى، إضافة إلى موظفي الوزارة وأقاربهم من الدرجة الأولى. كما اشترطت شهادة دراسة اللغة الفارسية (دورتين على الأقل)، وأن يجتاز المتقدم اختبار السفارة الإيرانية وكذا المقابلة الشخصية.
ومنذ ثورة الخميني نهاية سبعينات القرن الماضي، سعت طهران لتصدير ثورتها ضمن مشروع يسعى لتوسيع النفوذ في المنطقة، وسلكت لذلك سبلًا شتى، أبرزها "الأسلوب الناعم"، في خطوة تهدف لتأسيس جيوب لها في المنطقة، وكانت اليمن على رأس الدول المستهدفة، حيث استقطبت إيران خلال التسعينيات، بدر الدين الحوثي، والذي استقر هناك واستقبل المئات من الدارسين من ضمنهم اثنين من أبنائه، وأعطته إيران حصة سنوية في الجامعات والحوزات، ليتلقى المئات التعليم الطائفي ويعودون إلى اليمن للعمل لصالحها.
وتوقف الابتعاث الرسمي من اليمن إلى إيران خلال الحرب الثالثة عام 2006، لمدة تسع سنوات، وفق تصريح لوزارة التعليم العالي عام 2015، غير أن الجماعة استمرت في إرسال عناصرها خارج الأطر الرسمية وبأعداد قليلة.
وبعد انقلاب الحوثيين على الدولة حرصت على عودة الابتعاث رسميًّا، وطالب القيادي في الجماعة محمد علي الحوثي، عام 2016، السفارة الإيرانية بمنح سنوية، وفق ما أظهرته وثيقة نشرت لاحقا، أظهرت أيضا موافقة السفارة التي أعطت الجماعة 45 منحة، لطلبة أرسلوا حينها من بيروت إلى إيران.
وبحسب تقارير صحفية فقد بلغ عدد الدارسين اليمنيين في إيران عام 2016، 600 طالب، 90 بالمئة منهم يدرسون في الحوزات والمراكز التابعة للمرجعيات الطائفية. وفي العام 2020 أعلنت وسائل إعلام الجماعة عن تأسيس اتحاد الطلاب في إيران، في حفل حضره القنصل التابع لها عدنان قفلة، ما يشير إلى ارتفاع العدد.
كما نفذ الحوثيون منذ الانقلاب، خطوات هدفت لتمتين العلاقة بإيران الحليف والداعم الأبرز، وسعوا إلى مأسسة التغلغل الثقافي الإيراني في اليمن، عبر إجراءات من بينها افتتاح قسم اللغة الفارسية في جامعة صنعاء، إضافة إلى ربط النظام التعليمي بنظام إيران، من خلال فتح الفروع لجامعات إيرانية، أبرزها جامعة آزاد - إحدى أذرع النظام الإيراني الناعمة، وأسسها الرئيس الأسبق ورجل الدين هاشمي رفسنجاني ووافق عليها "المجلس الأعلى للثورة الثقافية" عام 1982- وكشفت وكالة أنباء "مُهر" عام 2021، عن مخطط لإنشاء فرع للجامعة في صنعاء، ضمن مشروع واسع لفتح فروع في سوريا وبغداد، وسبق أن استهدفت عددا من الدول من بينها لبنان.
وجاء الإعلان عقب لقاء وزير خارجية حكومة الميليشيا هشام شرف بمندوب إيران "حسن إيرلو" في صنعاء، ناقش سبل تطوير العلاقات والدفع بها إلى آفاق أوسع، "خاصة في المجالات الصحية والتعليمية والأبحاث العلمية"، وفقا لإعلام الحوثي.
ولا يقتصر الأمر على اليمن، فإذا أردت أن تعرف مخطط إيران في بلد ما فمؤشرها المنح، فهي تسعى أولا إلى إيجاد جيل من الشباب المرتبط بها روحيًّا وثقافيًّا والمؤمن بنظام الملالي، وفي أبريل الماضي، قال رئيس جامعة "شاهد"، أحمد جلدوي، إن جامعته "منحت العام الماضي دراسة مجانية لـ 50 طالبًا من مختلف دول المقاومة، وهذا العام سيزيد العدد وسنقوم باستقطاب وتدريب طلاب من 18 دولة".
وفي حديثها لـ"المصدر أونلاين"، قالت الباحثة اليمنية في الشأن الإيراني، أمل عالم، إن "المنح الدراسية هي نوع من أنواع القوة الناعمة الإيرانية، تستهدف بالدرجة الأولى شريحة البكالوريوس حيث أعمار المستفيدين من المنح تكون صغيرة في مرحلة تشكيل الفكر والمعتقد، وغالبًا ما يكون الدارسين في إيران هم من أبناء المذهب الشيعي الاثنا عشري أو أحد الطوائف الشيعية الأخرى أو من يميلون لهم٬ وهي أيضا شكل من أشكال خلق العلاقات بين أبناء المذاهب الشيعية في المنطقة فيما بينهم من جهة وترسيخ التوجهات الأيديولوجية الإيرانية لديهم من جهة أخرى، حيث تمنح إيران مئات المنح الدراسية سنويًّا ضمن ما يعرف بمحور المقاومة وتقدم للأحزاب الموالية لهم وكذلك لرجال دين في المنطقة بعيدًا عن وزارات التعليم والمعايير والمفاضلات التابعة لها".
وأضافت: "في اليمن، تستفيد ايران من ذلك على المدى البعيد، من خلال الانفتاح على المجتمع اليمني ونشر فكرها الأيديولوجي تدريجيًّا بحيث لا تتم مواجهته، إيران بلد مجهول بالنسبة لليمنيين ارتبط اسمه باليمن مؤخرًا بسبب الحرب أما قبل ذلك فلم يكن يحضر في أذهان اليمنين٫ لذلك ذهاب المئات سنويًّا للدراسة ضمن شرط الانتماء الفكري والعقائدي كمعيار للقبول، يعني أن هؤلاء سيعودون إلى بلدانهم مشبعين بالفكر الأيديولوجي الإيراني، وبشكل أو بأخر ينقلون هذه الأيديولوجيا إلى اليمن، وهو أيضًا نوع من أنواع التطبيع البطيء للاعتياد على كل ما هو إيراني وإيجاد تقارب بما في ذلك تقارب شعبي" كما قالت.
"المصدر أونلاين"