الجنوب.. وغياب العمل الثقافي

> أكرم باشكيل

> لن تنهض أمة وتنتصر لقضيتها دون وعي، وهو الملاذ لنجاح سيرها في الطريق الصحيح، ولن يتأتى ذلك إلا بعمل معرفي دؤوب قائم على قاعدة ثقافية لها بيئاتها وبنياتها الصحية السليمة وإعادة النظر فيها وفق قراءة تاريخية واعية لواقعها باستشراف مستقبلي لها من منظور علمي قائم على أصول المنهج الحديث وبأدوات معاصرة.
هذا الأمر يحتاج إلى مؤسسات تحدد أهدافها وتضع برامج تنشد لتحقيق هذه الأهداف، كما تعتمد على خبرات وكادرات مؤهلة ومدربة قياديا وتمتلك الرؤى لإدارة دفة العمل لهذا المشروع الوطني الجبار.

لقد غيبت مرحلة الاحتلال اليمني العمل الثقافي الوطني بكل مقوماته وبناه، وهمشت كادره سبيلا منها إلى طمس معالم الهوية التي تتكئ على القاعدة المعرفية لمبادئ التعليم بكل مستوياته الدنيا والعليا ومستلزماته وأهمها المنهج والمكتبة ودور النشر، وانتهاءً بكل المؤسسات الحاضنة للفنون والمسرح والاهتمام بالآثار والمتاحف والمخطوطات بكل أنواعها ودورها.
قد يقول قائل إن هذا الأمر سابق لأوانه ويحتاج ظروفا طبيعية للاشتغال به، وهذا المسألة عند أصحاب النظرة القصيرة في تحديد سلم الأولويات قد يبدو صحيحا إذا ما وضعت في مفاضلة فاقدة للوعي الحقيقي للأمور ووضعها في نصابها، ولهذا أجد وللأسف الشديد أن أصحابها هم من يتسيد المشهد الآن في مؤسساتنا بتشكيلاتها الحالية لأن هذه الدوائر تتمثلها قيادات إملاء شاغر ليس إلا مع تقدير لمقاماتها وشخوصها وكنتيجة طبيعية، لذلك نراها إما معطلة بالمطلق أو لا تعمل بالشكل العلمي المدروس والمبرمج بخطط تأتي ثمارها.

وهذا التقدير يسحب نفسه من الأطر المؤسسية العليا إلى الدنيا في المجالس المحلية بالمحافظات، ولربما ناتج ذلك عن الفهم القاصر عند القيادة بأهمية وحساسية العمل الثقافي، وربما في وقتنا الحاضر يقدم على أهميته على مهام جسام في معركتنا المصيرية مع العدو، ولا يمكن الانتصار إلا بها في كل الأحوال، ولعل أحد أسباب تأخرنا في الحسم هو إغفالنا لهذا الجانب المهم، وقد نفذ عدونا منها كحلقة أضعف في تقوية الوعي لدينا بقضيتنا والتحصين الشامل لها، فكان للإشاعة دورها الفتاك في الإرجاف وسيرها كالنار في الهشيم.

إن الثقافة والوعي صنوان يجسدان الجسر المنيع لحماية الثورة وصون القضية والاستهانة بها واعتبارها من نوافل الأعمال، يفضيان بنا إلى المجهول، وتسيّد الجهل على المعرفة آفة من الآفات المؤدية بنا إلى التخلف في عصر المعرفة فيه منتج اقتصادي رهيب يتسيد ثورة المعلومات وثروته في العالم.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى