الفكرة القومية في نقل المعارك الحربية إلى ميادين المنافسات الرياضية والفكرية!

> عياش علي محمد

> لسلة الحروب الرهيبة التي نشبت في قرطاجة وأثينا وإيطاليا في الحربين البونية الأولى والثانية، ساقت روما إلى حافة الدمار، وسحقت قرطاجة ومحقت من وجه الأرض.
وورثت أثينا الصراع القديم بين اليونانيين والقرطاجيين، في (صقلية) لفترة قرنين من الزمن.

وجراء تلك الحروب طلعت من (أثينا) فكرة قومية تقوم على ضرورة انتقال تلك الحروب من ميادين المعارك إلى ساحات المنافسات الرياضية والفكرية.
فظهرت فكرة الأولمبياد حين جعلت المتصارعين في الحروب، يلجؤون إلى المنافسات الرياضية وحيازة الألقاب البطولية في الأولمبياد.

فاستبدلت المدفع برمي الجلة والقرص، والغزو العسكري لسباق الجري، الصراع السياسي بالمصارعة الحرة، وقد ذاع الأولمبياد في صيته ودخلت فكرته جميع المقاطعات في أثينا وروما وقرطاجة، وبعدها استتبت الأوضاع في روما، فظهرت الإلياذة، وأناشيد هوميروس وتاريخ ليفي (Livy) وأعمال النحت، وأنجبت روماً أعظم الشعراء من فيرجيل وميالا، وهوراس ومايكناس.

وبانتهاء تلك الحروب، انتشرت التجارة والصناعة والزراعة والتعليم، وعدت روما أعظم دولة في تقدمها الحضاري بعد أن طوت صفحات الحرب الميدانية وإحالتها إلى حروب من نوع آخر تتعلق بالمنافسات الرياضية والألقاب.
وفي الهند كان الحاكم المنغولي سيء الصيت، يعدم الضباط الأسرى بواسطة أقدام وحوافر الفيلة، وكان يعبد السيادة والسلطة المطلقة، وعندما كان يلمح (هندوكياً) يتورد وجهه ويمتلئ رغبة في سفك دمائه أو دفنه حياً.

للحاكم المنغولي طبيعة خاطئة وشريرة عانت إزاءها الهند فترات رهيبة من حكمه، وفقدت الهند أهم عقولها ومفكريها بواسطة الإعدامات التي لا تنقطع. فالحاكم المنغولي لا يرتاح ولا ينام إلا إذا رأى سيلاً من الدماء أمامه حتى ينام.
عندها ظهرت الفكرة القومية، التي جعلت الحاكم المنغولي يغرم بلعبة الشطرنج، حيث استطاع أن يحصل على مبتغاه من الإشباع في هذه الرقعة من المعارك التي عمادها الخيل والغيل والقلاع والعسكر والوزراء والملوك يتقاتلون على رقعة الشطرنج ويحظى وقتاً طويلاً في تحري كالخطط العسكرية ضد الخصم.

نقلت تلك الفكرة القومية في اكتشاف رقعة الشطرنج الهند في مجال الحروب والإعدامات إلى مجالات سلمية استطاعت أن توجد بيئة ملائمة للتطور في الزراعة والصناعة والفنون والآداب ودخلت الهند عالم التكنولوجيا بروح حرة وحيوية قادتها عقول نيرة أزاحت عن كاهلها آثام وبلاوي الإعدامات الدورية.. أما اليمن فلا يزال يعيش حروباً مستمرة من أجل السلطة والثروة، ولم يستقر اليمن ولم تظهر فكرة قومية تنقله من ميادين المعارك إلى ميادين رياضية أو فكرية على شاكلة الأولمبياد أو رقعة الشطرنج.

وبسبب هذه الحروب المستمرة هدمت المدارس ودمرت الصناعة وقضي على أساطيل التجارة البحرية والسمكية والجوية والبرية وأحرقت الأراضي الزراعية ونفقت الإبقاء وانعدم اللبن ومشتقاته والدواجن وبيضها وتوسعت المقابر وتكاثرت أشلاء القتلى. ولايزال اليمن موغلاً في حشوده وحروبه من أجل السلطة والثروة.

واليمن ينتظر فرصة ظهور فكرة قومية، تنقل تلك الحروب إلى وقائع أخرى تتعلق بالمنافسات الحرة وتفتح المسارح والسينمات، وقصور الثقافة والأدب والفنون، وتفتح القنوات الفضائية، وتجري المنافسات الرياضية من الشباب وتجعل صناع الحروب وزعماء الحرب يقفون في المقاعد الخلفية يشاهدون معارك اخرى ليس فيها أدوات الحرب والاقتتال.

وعندما تتوقف الحرب سيتحول حتى مراسلو القنوات الإعلامية إلى تغيير تعبيراتهم الحربية بتعبيرات تتعلق بفنون المنافسات الرياضية والفكرية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى