أين وزارة التخطيط من هذه الأوضاع التي نعيشها اليوم؟

> عياش علي محمد

> الله يجازي الوحدة غير المباركة التي تسببت في محق وزارة التخطيط بعدن محقاً عن آخرها، وجعلت أعزة مُخططيها إما أنهم يرقدون تحت الثرى أو يعيشون فوق تراب الأرض وقد أصابتهم الأوجاع وسوء الحال الاجتماعي والاقتصادي والنفسي، وامتلكت وزارة التخطيط بعدن قطيعاً من الخدمات الاقتصادية والكوادر الفنية غير المسبوقة على مستوى الشرق الأوسط.

وعلى رأسها د. فرج بن غانم، عميد السلك التخطيطي والتنموي، والذي وصل إلى درجة تنصيبه كرئيس لدولة وزراء اليمن، ومن عادة د. فرج بن غانم أنه لا يتكلم إلا بالأرقام والمشاريع الاقتصادية، ولا يتجرأ أحد لمقابلته إذا كان فقيراً بمعرفته لعلوم التخطيط والتنمية.
ويليه د. ياسين ناصر عفارة، الذي يلازمه البايب (PiPe) حتى حل ورحل يتكلم الإنجليزية كأبناء السركال. له عقل تخطيطي استطاع أن يبحر به آفاق الخطط الإغاثية، وأستاذ المباحثات مع البنوك الدولية، وصندوق الفقد الدولي، والصناديق العربية.

ومن أعظم كوادر التخطيط المرحوم، عبدالله سعيد عبدن، رائد الإدارة الحديثة في التخطيط والذي لا اعتقد أن أحداً في ربوع اليمن ينافسه في هذا الميدان، ومعرفته وكفاءته الإدارية جعلت منه يصرف الآفات التي تحيق ببلاده ويستطيع معالجتها إدارياً، أما الذين يعيشون على قيد الحياة أمثال د. كمال عبدالرحيم، عقل التنمية ومفكرها، وكانت لا تستطيع أية بعثة جنوبية اقتصادية موفدة للخارج لغرض المباحثات، أن تستغني عن خدماته في تلك المباحثات.

وهو استاذ جلب القروض والهيئات والمساعدات الأجنبية الممولة لمشاريع الاقتصادية في الجنوب. أما المرحوم، عبده قاسم، فقد كان المترجم الفذ لوزارة التخطيط.

والمؤشرات تدور حول أ. حسن حبيشي، خريج كاليفورنيا الأمريكية، فقد نال حظاً موفقاً في موقعه الاقتصادي، ورأيه الصائب في إتمام الصفقات الاقتصادية مع الدول الأخرى. سألته يوماً أن حكومة اليمن بعثت بطلب للدكتور مهاتير محمد، رئيس وزراء ماليزيا، كي يأتي لليمن لمعرفة نظريته في تطور ماليزيا الاقتصادي والتي جعلت منها دولة متقدمة اقتصادياً وصناعياً، فرد عليّ بالقول: "إذا طلبت اليمن السيد مهاتير محمد كي يأتي لليمن فأهلاً ومرحباً به في بلادنا، ولكن مجيئه إلى هنا لكي نعلمه ولا نتعلم منه، فنحن أهلٌ للتنمية الاقتصادية، وأهل لتطوير بلادنا من غيرنا من الناس".

لقد كانت وزارة التخطيط بعدن معلماً تنويرياً، والمتحدث أولاً عن كوادرها بإشراف الخبراء السوفييت، ولما أتى الرئيس الأسبق علي ناصر محمد، فقد استقلت وزارة التخطيط بوظيفتها، وأصبحت تقوم بمفردها بإعداد الخطط الاقتصادية الثلاثية والخماسية، ولا يستغنى عن وزارة التخطيط في عصر الرأسمالية أو غيرها، فهي أساس التنمية في القطاع العام والمختلط والتعاوني.

وقد رافق هذه الكوكبة من القيادات التخطيطية كوادر فنية محلية، كانوا يقوموا بوظيفتهم خير قيام، فالمفاوضات ينجزونها بمفردهم ثم يعرضون نتائجها على قياداتهم للمصادقة عليها، ومن أمثال هذه الكوادر أ. جميل مخشف، مدير الدائرة العربية، وياسين نعمان، ومحمد حامد جعفر، للمنظمات الدولية، وياسين هاشم للقطاعات الاقتصادية، وعبدالله إبراهيم (أبو علاء) مندوب وزارة التخطيط في مجلس الوحدة الاقتصادية التابعة للجامعة العربية، والمرحوم علي أحمد مقبل، مدير الدائرة الثقافية والصحية والفنية، والسيد محمد أحمد شهاب، ولا أتذكر أسماء الكوادر الأخرى، ويعذروني في ذلك كل من يعز عليهم والتخطيط عملية اقتصادية، بدون التخطيط لا ترقى الدول ولا تتقدم، فالاستقرار السياسي يحتاج إلى تشغيل قوة العمل، وتحتاج إلى بناء مستوطنات سكانية للموظفين وبأزهد الأسعار، ماذا جنت وزارة التخطيط حين نهب المؤتمر الشعبي العام مقر عملها التي قامت ببنائه (التخطيط) بالتعاون مع دولة الكويت؟، وماذا جنت وزارة التخطيط حين نهبت ممتلكاتها وأصولها الفنية والمهنية والتكنولوجية في حرب صيف عام 1994م؟.

وما ذنب وزارة التخطيط حين هجرت أدمغتها الاقتصادية التي تعيش بعضها عيشاً تعيساً ولم تحظَ بلفتة كريمة، وتحية وشكر لخدماتهم الجليلة بعد الوحدة غير المباركة؟.
كوادر وزارة التخطيط لا يقلوا كفاءةً ومعرفة عن العالم الاقتصادي العراقي (الصكبان) ولا عن زميلة العالم الاقتصادي العراقي (زلزلة) اللذين ترأسا مجلس الوحدة الاقتصادية العربية زمناً طويلاً وأديا خدماتها العربية بروح صادقة وأخوية، ولا نعرف اليوم مكان عيشهما فيما إذا كانا في العراق أو خارجه.

أعيدوا لوزارة التخطيط دورها التنموي، واستفيدوا من كوادرها الأحياء وإن كانوا في أذل الأعمار. إنهم أبطال وعظماء تؤدي إليهم التحايا المباركة، وحسب رأي الكادر الوطني، عبدالرحمن طرموم، أن يتحول اسم التخطيط من وزارة التخطيط والتعاون الدولي إلى وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى