الدنيا مجلوبة يا زول

> عياش علي محمد

> جلس صديقي السوداني يندب حظه ويفكر في أموره الخاصة بقلق زايد عن الحد، وقعد ينتف شعر رأسه ويهمهم بالقول (الدنيا مجلوبة) أي مقلوبة، فحاولت أن أبعده قليلا عن أوضاعه، فقلت له ما الذي يقلقك ويجعلك بهذا الشكل الذي لا يسر عدوا ولا صديقا.
قال الدنيا مجلوبة يا زول؟ ما الذي قلبها رأسا على عقب؟

قال اتصور يا زول أني زرعت أرضي عدسا ولما جنيت المحصول وجدت المحصول قد أصبح فاصوليا، زرعت عدسا وطلع لي فاصوليا!! "ماجلت ليك إن الدنيا مجلوبة والدنيا عندكم إذا ما انجلبت اليوم فإنها ستنجلب غدا".

وهذه الأيام انقلبت الدنيا عندنا، فقد وجدت أساتذة في الجامعات واقفين على رؤوسهم، ولما حاولت مساعدتهم على الوقوف على أرجلهم رفضوا ذلك، فقلت لهم لماذا ترفضون المساعدة؟ قالوا لي إن أوضاعهم مقلوبة فقد كانوا يستلمون 1000 دولار شهريا (راتبهم الشهري)، وأصبحوا يتلقون 200 دولار شهريا، لهذا وجدنا أنفسنا مقلوبة أوضاعنا رأسا على عقب.

وذهبت ناحية الموظفين الحكوميين فوجدتهم يشتغلون على الأرض وتجردوا من الجلوس على الكراسي، فقلت لهم لماذا لا تجلسون على الكراسي وتؤدون أعمالكم بالراحة؟ قالوا لي أوضاعنا مقلوبة، فالميزانية التشغيلية مقفلة بعشرة أقفال ولا أحد يستطيع فكها لوحده، وهي لا زالت مقفلة منذ 2015 وحتى 2019م، ولهذا نحن قاعدون على الأرض احتجاجا على ذلك.

فذهبت إلى دواوين السياسة لشرح أوضاع البلد المقلوبة، لعلي أجد حلولا لهذه الأوضاع عندهم، فوجدتهم لا يتكلمون ولا يسمعون ولا ينظرون، فقط عليهم ملئ بطونهم وكفى.
فقلت لهم لماذا هذا المنطق المتكاسل وأنتم قمتم بتحرير أرضكم من العدوان؟ قالوا إن الذين حرروا البلاد من العدوان أعطيناهم إجازات إجبارية وفرضنا عليهم مبدأ (خليك بالبيت)، ونحن الآن نقوم بمهمة لا نعرف منشأها ولا أصلها ولا فصلها، المهم أننا نأكل ونستريح والباقي سوف تكمله الأقدار.

هذا لا يحتاج للسكوت، فأمور كهذه ستجعل البلاد تصبح (فص ملح وذاب)، فقلت أشوف المتحكم بهم، فذهبت إليه شاكيا الأوضاع التي شاهدتها بعيني وأشد عليه بضرورة عمل شيء ينقذ به البلاد المنكوبة بهذه البلاوي.

دخلت على ما يوصف أنه (الباشا) المتحكم بهؤلاء العتاولة ورأيته جالسا يدخن السيجار الكوبي، فقلت له الأوضاع مقلوبة في البلاد فهل تبادر بتصحيح الأوضاع؟ قال من قال لك إن الأوضاع مقلوبة كل شيء يسير كالمسطرة والفرجار، الناس هنا تأكل وتشرب ويمتلكون سيارات ولا يعملون، وليس بالضرورة أن يعملوا فإننا فقط نهب لهم المرتبات ثم نعمل ما ينبغي عمله دون خوف أو وجل.

ومن أين تأتي بالرواتب؟ قال تمطر علينا من السماء بقدرة الواحد الأحد، فالعالم يصرف علينا بسبب موقعنا الجغرافي الإستراتيجي ولا يرفض هذا الكلام إلا المغفلون.

وواصل حديثه.. العالم يريدنا هكذا، فهل نعصي العالم ونخسر أرزاقنا؟ قلت ولماذا هذه الشعارات الوطنية والكرماة والاستقلال؟ قال هذا الكلام قد ولى زمنه، نحن في زمن من يزرع العدس ويطلع له فاصوليا، ثم قدم لي نصيحة بأن أذهب إلى صديقي السوداني وأن أقول له أن يفرح بالفاصوليا ولا يستنكر أوضاعه، فالقدر هو الذي ملأ عليه حاجته للفاصوليا اكثر من حاجته للعدس.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى