لعبة الاستغماية (الغميضة)

> بدر قاسم محمد

> ما هي البيئة المناسبة للممارسة التطبيقية لفكر جماعة الإخوان المسلمين العقائدي؟!

والجواب: هي بيئة الدولة الفاشلة.
لذا لا توجد بيئة أنسب من البيئة المتوفرة في وضع الحكومة اليمنية حالياً، فمنظومة الفساد الإداري والمالي للحكومة هي البيئة الأنسب لتمدد منظومة الفساد الأخلاقي والفكري لجماعة الإخوان.

ربما المقاربة التصويرية أدناه تجعل الصورة أوضح.
مؤخراً، فوضى "ثورات الربيع العربي" أفسحت المجال أمام قيام ما أسميت بـ "دولة الخلافة الإسلامية في العراق والشام (تنظيم داعش).

وعلى منوال الإفساح أعلاه، وصلت جماعة الإخوان في مصر لسدة الحكم، فما أن تماثل شبح دولتهم الإسلامية للظهور المهدد لوجود الدولة الوطنية في مصر حتى أنتفض الشعب المصري ضد جماعة الإخوان وأسقط حكمهم.

مثلت الحالة اليمنية استثناء عجيباً، ففي الوقت الذي تشير فيه تقارير منظمة مكافحة الإرهاب الدولية إلى أن أخطر تنظيم إرهابي في المنطقة متواجد في اليمن (تنظيم القاعدة في جزيرة العرب) لم تفض فوضى الثورة الشبابية 2011م إلا إلى سيطرة جماعة "أنصار الشريعة" الإرهابية وإقامتها، على فترات متقطعة بعض الإمارات الإسلامية التي تركزت جنوباً لتنضوي تحت مسمى "ولاية اليمن الإسلامية"!.

على صعيد الحراك السياسي ضد نظام الحزب الحاكم في صنعاء، تنحي الرئيس علي عبدالله صالح لم يوصل قيادة حزب الإصلاح (فرع جماعة الإخوان في اليمن) إلى سدة الحكم، إلا أنه عن طريق سيطرته الفعلية على القرار السياسي للرئيس الخلف هادي، ظل يمارس دور المتحكم الفعلي بالبلد.

مثلما لبس تنظيم القاعدة في جزيرة العرب طاقية الإخفاء، لبس إخوان اليمن طاقية الإخفاء، ثمة ازدواج وظيفي في الأسلوب والأداء بينهما، مازال ملتبس تبني تنظيم "أنصار الشريعة" لمسمى "ولاية اليمن الإسلامية"!، هل هو مسمى منفتح يحاول الاتصال بمركز دولة إسلامية ما، أم هو مسمى منكفئ على نفسه يحاول تأكيد وحدة اليمن السياسية بإقامته الحصرية جنوباً، في مناطق الحراك الجنوبي الداعي للانفصال أو فك ارتباط الوحدة مع الشمال؟!.

عموماً لقد لقي زعيم أنصار الشريعة، جلال بلعيدي، حتفه بقصف الطيران الأمريكي المسير، عقب انخراطه وعناصره مع السكان المحليين لمقاومة ودحر جماعة الحوثيين من محافظة أبين، مسقط رأسه، غلبت عاطفة المواطن الأبيني لدى بلعيدي حماسة القيادي التنظيمي، فدخل ومجاميع المقاومة المحلية إلى أبين في حملة عسكرية لا ترفرف عليها بيارق التنظيم!، نزولاً عند رغبة السكان المحليين.

كطحالب المستنقعات تنمو وتتمدد جماعة حزب الإصلاح الإخواني في منظومة الفساد الإداري والمالي الحكومية، فيقف حزب الإصلاح ضد محاولات التحالف العربي المتكررة لإصلاح الأداء الحكومي في اليمن، مؤخرا يعمل على تلقف كل أرباب سوابق الفساد الحكومي، ليستظل وإياهم تحت شعار الحفاظ على السيادة الوطنية والوحدة اليمنية"، ففي عُرف جماعة الإخوان يخفي العنصر الإخواني ايدلوجيا فساده الأخلاقي، الذكر بإسدال لحيته والأنثى بإسدال جلبابها، كذلك باستطاعة العنصر الحكومي إخفاء فساده السياسي بإسدال شعار الحفاظ على السيادة الوطنية والوحدة اليمنية على مشواره الحافل بالفساد!.

جماعة ظهير الحق الإلهي أصبحت جماعة ظهير الحق الوطني في اليمن، وهي تدغدغ الآن مشاعر اليمنيين بشعاراتها الوطنية الرنانة.

هنا بالضبط تتكون الجمهرة و الإجماع على الخطيئة، في مهرجان من إشاحة الوجه وغض الطرف، يغض اليمنيون طرفهم عن فساد جماعة الإخوان وفساد الحكومة، في لحظتهم الوطنية الراهنة، وقبل هذا تحدث مقايضة لغض الطرف، كل عن الآخر، جماعة الإخوان عن فساد العناصر الحكومية الأخرى، والعناصر الحكومية الأخرى عن فساد جماعة الإخوان!

إنها لعبة الاستغماية (الغميضة) اليمنية الكبرى، تحاكي مقالة الثائر الثلايا لحظة إعدامه، عليه رحمة الله، كما تحاكي مقالة محسن الأحمر:

"هذا الشعب مصفّق ابن مصفّق!"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى