تايرات مبنشرة وبوياء!

> علي سالم بن يحيى

> عشرة أعوام ونيف مضت على رحيل الصحافي اللامع الأستاذ عادل الأعسم -رحمه الله وأدخله فسيح جناته- ومازال القلم الحر يانعا صارخا بمداد كلماته التي قضّت مضاجعهم وأوجعتهم!
لم يكن الراحل الأعسم صحفيا بارعا فقط، بل كان كتلة من المشاعر والأحاسيس والبطولة والمواقف والإقدام، ومزايا نادرة جعلته يتبوأ مركز الصدارة في قلوب محبيه.

وصفه الرئيس السابق صالح بصحفي (العريش)، لأنه معجون بحب البسطاء، مدافع عنهم وعن قضاياهم، وجعل من عموده الأسبوعي بصحيفتنا الغراء "الأيام" وجبة شعبية لذيذة يتهافت عليها العامة بشراهة، الأمر الذي جعل كبار القوم يقرأون بكل حرص، وتقبلوا وجبة الوجع على مضض، وجبة الوجع، لأنها مركزة على أوجاع البسطاء، وتدك أوكار أساطين الفساد، الذين باتوا يحلمون بكوابيس الفزع، خوفا من لدغة مداد صاحب القلم الشجاع!

صنع الراحل الفذ عادل الأعسم صحافة باسمه، وأسس مدرسة خاصة يتعلم فيها التلاميذ مبادئ وقيما في زمن بدأت فيه علامات الذبول لكل ما هو جميل، بفعل فساد عارم زلزل الوطن وكيان الإنسان، زرعه جبابرة وأمراء الحرب وقطاع الطرق ومن قدموا من خلف الجبال...!
ذات مرة كتب الصحافي الراحل مقالا هز الوسط السياسي والصحفي عبر صحيفتنا "الأيام" تحت عنوان:

"تاير مبنشر يا فندم"!! اختصر فيه حالة التغطرس والغرور والتكبر لمسؤولين وقادة وعساكر (شماليين) تجاه الجنوب وأهله، وكأنه غنيمة حرب وفيد، ولم يكن تاريخا وجغرافيا وهوية، تلك الحالة رسمها عندما رأى أحد المتغطرسين وهو يبدو (قزما) أمام (عسكري) بسيط من الحرس الجمهوري في العاصمة المختطفة (صنعاء) وظهرت علامات ذبوله وخوفه في حضرة ذلك العسكري، بينما في الجنوب يمتلك مخالب وأنياب ووعيدا وغطرسة وتفحيطا وأطقما، ويدوس على كرامة الإنسان!

تتجدد المشاهد بما هو مؤلم، فما زالت " التايرات مبنشرة".. بعد أن اجتاحت مليشيات الحوثي العاصمة اليمنية صنعاء، وأحكموا الخناق عليها، بينما هرول من صنعوا لأنفسهم فزاعة إلى العواصم المختلفة، وتركوا (مخادعهم) محتلة، وهزمت (الهنجمة) وتاهت الشجاعة وفرت فرار المجذوم، ومازالت المعركة كمن يدور في حلقة مفرغة من تبة إلى أخرى، والعاصمة في أحضان المليشيات!

ما زال (التاير مبنشرا) لسلطة المعاشق وفنادق الرياض، وحكومة معين الهشة، تجاه المواطن، فالوضع الأمني والخدمي والمعيشي على حافة الهاوية، وبات أكثر من 19 مليون يمني تحت خط الفقر تهددهم المجاعة، بينما (تاير) السلطة والحكومة يسير بهم نحو السعادة والثروة، والثمن دماء الشعب المطحون شمالا وجنوبا!!

في الجنوب مازالت (التايرات مبنشرة)، ودخلنا في حيص بيص، وعلى الرغم من الحرب الدموية التي شنتها مليشيات القتل الحوثية، على الجنوب في مارس 2015م، وخروجه منتصرا بفضل من الله أولا، ثم بتضحيات وبسالة أبنائه، ودعم وإسناد من قوات التحالف العربي، أبى العرق الجنوبي من ممارسة هوايته والرقص على الدماء والأشلاء بمزمار الخلاف وطبل الأنانية، الأمر الذي أصاب القضية الجنوبية بعوار كبير يهدد مستقبلها!

في عدن، العاصمة الجنوبية التي (يقتلون) مدنيتها، بتشكيلات عسكرية تشبه المليشيات، ولكل جماعة ولاءات وانتماءات تفوق (الجنوب)، وتوغل داء المناطقية (الجنوبية) في الجسد بشكل مستفحل، ويقدمون هدايا مجانية لمليشيات الحوثي ولكل أعداء قضيتنا العادلة، في الوقت الذي تشهد فيه المدينة (القرية) هبوطا حادا في أسهم الخدمات، وتظل "تايرات" عجلة التنمية فيها "مبنشرة" وسط شرود ذهني لقيادة التحالف العربي التي لم تستوعب بعد أن الناس بحاجة إلى الأمن والأمان والخدمات الأساسية قبل (طلاء) الجدران، وتجميل الوجه العابس بمساحيق (البوياء) أو من خلال استيراد "التايرات المبنشرة"!!!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى