هدرة

> حسن زيد

>
 
حسن زيد
حسن زيد
تمكن الغرب من تفكيك الهوية الوطنية والقومية والدينية للأمة العربية والإسلامية، وجعل مكوناتها البدائية في مواجهة بعض، فالرجل في مواجهة المرأة (في الغرب قضية الجندرة ليست مثارة بنفس درجة الحدة التي تثار في مجتمعاتنا، لأن الظلم الناتج عن قيم التخلف يسبب الضيق والإحباط ويتحول إلى طاقة للصراع)، والقبيلة في مواجهة القبيلة، والمذهب في مواجهة المذهب، والمنطقة الجغرافية في مواجهة الأخرى، والدين في مواجهة الدين، والحزب في مواجهة الأحزاب الأخرى، والنقابة في مواجهة النقابات الأخرى..

وبهذا ضاعت الهوية الوطنية والقومية الجامعة، وبهذا شغلنا بصراعاتنا وانشغلنا بها عن البحث عن مصالحنا، وتحولنا إلى أدوات لتدمير إمكاناتنا وقدراتنا، وبات بأسنا بيننا شديدا، وعدونا بات الصديق والحليف الذي يتسابق الجميع للاستقواء به على إخوانه، وما يجري في سوريا والعراق وليبيا واليمن نموذج لذلك.
نحن ندمر اليمن لأننا لم نعد يمنيين في نظر بعضنا، فهذا داعشي وهابي عميل مرتزق انفصالي منافق، وذلك مجوسي فارسي متورد انقلابي سلالي، وحتى داخل هذه القسمة الثنائية نجد التفتيت والفتات. 

لقد فشل الإعلام والتربية والتنشئة الاجتماعية والعمل السياسي والخطاب الدعوي في تعزيز قيم المواطنة وروح الانتماء للوطن والأمة، لأننا قفزنا عليها في الغالب وتبنينا شعارات وخطابا يتناقض مع ما يهدف إليه،
فالقومي اعتبر الوطنية خيانة للأمة ومقابلا لها، والإسلامي اعتبر الانتماء الوطني جاهلية وشركا وكفرا ونفاقا، والأحزاب التي ادعت انتماءها للوطن جسدت في ممارساتها ليس المناطقية الضيقة بل والقبلية ثم الأسرية وأخيرا الفردية الفجة.

وهكذا كانت التجارب القومية والوطنية من القسوة والعنف والديكتاتورية وممارسة القمع ما جعل الصفوة من الشعوب تحنّ إلى عودة الاحتلال الأوروبي، لأنها نهبت كل شيء واستباحت كل محرم، لدرجة جعلت المواطن يكره انتماءه ويشعر بالعار والخزي، وبات مؤهلا لممارسة خيانة نفسه ووطنه لأنه يحتقرها.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى