بين الإحاطة الإلهية والإحاطة الأممية

> بدر قاسم محمد

> "على الله" الجواب الخلاصة لدراسة بحثية أجرتها باحثة ألمانية عن الحالة المعيشية للناس في اليمن بسلسلة أسئلة وجهتها للشارع اليمني عن كفاية المعاش الشهري المدفوع من الحكومة وعن الصرفيات اليومية من مأكل ومشرب وملبس ومسكن ونزوة تعاطي القات والسجارة وو.. إلخ، مقابل غلاء الأسعار!
عندما أدركت الباحثة وجود فجوة كبيرة في الحساب بالأرقام اتضح أن المعاش الشهري لا يكاد يجاري نصف صرفيات الشهر، فما بالك بنصفه الآخر، ووجدت الباحثة نفسها تطرح سؤالا فضوليا يخرج عن مقرر أسئلة البحث:

- المعاش لا يكفي نصف صرفيات الشهر.. كيف تعيش؟! وماذا تعمل؟!
وفي كل مرة تطرح هذا السؤال تجد نفس الجواب "على الله!.. خرجت الباحثة الألمانية من اليمن بالخلاصة التالية لبحثها: الله موجود في اليمن فقط!

الخلاصة التي لسان حالها يقول: ثمة إحاطة إلهية بالناس لا توجد إلا في اليمن!
لا أدري هل قضت أزمة الحرب المندلعة مؤخرا في اليمن على وجود الإحاطة الإلهية الحصري أم عززت حضورها أكثر؟!

بإدخال البلد تحت الفصل السابع الأممي دخلت إحاطة المبعوث الأممي عن الوضع في اليمن على الخط، الإحاطة الأممية المرفوعة بصورة شهرية.. بصورة يومية ثمة إحاطة إلهية للناس في اليمن أكثر عدلا ورأفة بهم من الإحاطة الأممية مستجدية عدالة ورأفة المجتمع الدولي!
لتركيز التحالف العربي على ضرورة تواجده في عدن والجنوب إحاطتان هو الآخر، إحاطة عسكرية بأمنه القومي وإحاطة سياسية بقضية الثورة الجنوبية.

عندما سارت الإحاطة الأممية في سياق الإحاطتين العربية مسنودة بإحاطة دول كبرى للأمن والسلم الدوليين، بداعي تدخلات دول إسلامية إقليمية مزعزعة للأمن الإقليمي والدولي، عزز هذا أكثر من حاجة اليمنيين لتواجد الإحاطة الإلهية في هذا الظرف الصعب الحاجة التي لم يعد الجواب "على الله" يجدي نفعا في نظرهم ولا حتى الدعاء، ثمة أجندات لتدخل دول إسلامية بعينها عززت حاجة اليمني لضرورة استدعاء الإحاطة الإلهية بالفعل وليس بالقول.

تطورت روح اليمني الاتكالية في كلمة "على الله" الواهب الرزاق، إلى كلمة "الله أكبر" القاهر الجبار، لقد وقع اليمني فريسة الجماعات الإسلامية وهي تعزز من الإيمان اليمني اللامحدود بتواجد الإحاطة الإلهية دوما إلى جانبه، ألم تقل الباحثة الألمانية إن الله موجود في اليمن فقط؟!

ما فعلته الأجندات الخارجية للجماعات الإسلامية هو فقط عملية تخصيب لهذه الروح المؤمنة وإخراجها من حالة الاتكال على الله في طلب الرزق إلى حالة الاتكال على الله في محاربة من تصفهم بدول العدوان الخارجي بداعي الدفاع والمقاومة، لقد صار إيمان اليمني بالإحاطة الإلهية وسيلة لتحقيق العدالة الإلهية على يديه عمليا بعد أن كان وسيلة لتحققها بالاتكال والدعاء، مؤخرا خُصبت هذه المادة الروحية أكثر حتى خرجت من وضعية الدفاع والمقاومة إلى وضعية الهجوم والمباغتة باندفاعها العسكري للتوغل جنوبا لقتال القوات المحلية هناك واجتياح المحافظات الجنوبية (شبوة فأبين ثم عدن)، مؤخرا سمعنا إصدار هذه الجماعات الإسلامية لفتاوى تجيز قتل وقتال عساكر القوات الجنوبية!

لقد تضخم إيمان اليمني بالإحاطة الإلهية لأقواله وأفعاله ضاربا بكل الإحاطات الأممية والإقليمية والدولية عرض الحائط!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى