رمضان وافتعال الأزمات

> زكريا محمد محسن

> المؤمنون الصادقون عندما يقترب شهر رمضان المبارك يبتهلون ويتضرعون إلى الله وتلهج ألسنتهم بالدعاء بأن يبلغهم رمضان ويوفقهم لقيامه وصيامه وعمل الطاعات فيه، ليقينهم التام بأن الله قد اختص مواسم رمضان بفضائل كثيرة لا تعد ولا تحصى، أبرزها مضاعفة الأجر والثواب أضعافا مضاعفة على ما هي عليه في سائر الأيام، ففيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر وعملها يَعْدِل عمل 83 عاماً، وشرار القوم من بعض التجار الفجار يعدونه فرصة سانحة لجني الأموال وتحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح حتى وإن كان من خلال افتعال الأزمات والاحتكار ورفع الأسعار..!!

فتراهم قد خلعوا ثوب الحياء وأماطوا اللثام عن وجوههم البشعة وقلوبهم السوداء التي ملئت بحب المال والمادة إلى حد التقديس الذي قد يقودهم إلى مهاوي الردى فيخسرون على أثر ذلك دنياهم وأخراهم، فتجدهم يرفعون الأسعار أضعافاً مضاعفة بلا رحمة أو شفقة بالفقراء والمعدمين والمساكين، ويحتكرون حتى المواد التموينية والسلع الضرورية ويختلقون الأزمات دون أن يردعهم وازع من دين أو ضمير، بل قد وصل الجشع ببعض التجار أن يستقبل رمضان برفع الأسعار بصورة متعمدة، قاصداً تعويض ما يدفعه من الضرائب وزكاة الأموال...!

وعادة ما يبررون رفعهم للأسعار إلى ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الريال اليمني، وكذا ارتفاع أسعار المشتقات النفطية، لكن هذه الأيام أسعار الصرف مستقرة نسبياً، وكذلك المشتقات النفطية شهدت تخفيضاً كبيراً في أسعارها إلى حد وصلت دبة البترول 20 لتراً إلى 3300 ريال، وربما أقل من ذلك في قادم الأيام في ظل تراجع أسعار النفط عالمياً، ومع ذلك لم نرَ انخفاضاً في الأسعار ألبتة، بل شهدت أسواقنا ارتفاعاً جنونياً غير مبرر في معظم المواد الغذائية والاستهلاكية، مستغلين قدوم شهر رمضان كعادتهم، دون أن نلمس دوراً للجهات المختصة في الرقابة على الأسواق وضبط المتلاعبين بالأسعار ومحاسبتهم.

وما يحز في النفس أن يحدث كل ذلك في ظل انقطاع المرتبات وتأخرها عن العسكريين والأمنيين الذين يمثلون شريحة عريضة من المجتمع، جراء تعنت الحكومة الشرعية وتنصلها من مسؤولياتها والتزاماتها كما نص اتفاق الرياض الذي ألزمها بدفع كافة المرتبات وتوفير الخدمات، وحتى الموظفين المدنيين قد أصبحت مرتباتهم الزهيدة لا تفي بمتطلبات الحياة ولو في حدها الأدنى، فكيف بالمتقاعدين الذين لا تكفي معاشات أغلبهم حتى لشراء كيس أرز من النوع الرديء أو بمن هم بدون وظائف أصلاً؟!! ، ومع هذا لم يُقَدّر أولئك التجار ما يعانيه الشعب من ظروف معيشية قاسية وأوضاع حياتية مأساوية جراء الحرب المستعرة لست سنوات وما زالت رحاها تطحن الشعب حتى اليوم دون أن تلوح في الأفق بوادر انفراجة قريبة تضع حداً لمعاناة هذا الشعب المغلوب على أمره.

ختاماً نسأل الله أن يبلغنا رمضان ويرخص لنا الأسعار وينعم علينا بالخير والأمن والأمان، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى