هذا ما تم التحذير منه

> عبدالقوي الأشول

> ربما حذر، سلفاً، الكثير من مفكري الجنوب وقياداته السياسية وشخصياته الاجتماعية من المآلات التي وصلنا إليها في وقتنا الراهن، ولكن للأسف قوبل مثل هذا الطرح إما باعتباره مخالفاً أو بأنه أفكار لا مجال لمطابقتها بالواقع الذي يستدعي، كما قيل، المهادنة والمضي باتجاه المراهنات التي ليس في أفقها ما يشير إلى وضع حقيقي للجنوب.

أذكر ما ظل يحذر منه الأخ القيادي والمفكر المعروف محمد حيدرة مسدوس، الداعي إلى التوافق الجنوبي كشرط لتحقيق أهداف الثورة الجنوبية وتجاوز الماضي، وعلى نفس الصعيد ظل محمد علي شايف، وهو أحد أبرز القيادات الجنوبية ورئيس الجبهة الوطنية، ويعد أحد أبرز مفكري الثورة الجنوبية، ومن حذر مراراً وتكراراً من المضي دون هدى في ركب مسارات لا تبشر من قريب أو بعيد بتحقيق أهداف الثورة الجنوبية.

أفكار محمد علي شايف، وغيره ممن كان طرحهم واضحاً، باتت تتحقق بحذافيرها، ما يدل على العمق في التفكير لدى تلك القيادات التي بدت مخالفة، لكنها مخالفة فيها الكثير من القراءة العميقة للوضع والخشية على المآلات التي سوف تضعنها جميعاً أمام تحديات كبيرة.

للأسف الشديد تم التعاطي مع تلك الرؤى والتحذيرات بصورة غير واقعية ولم يتم الأخذ حتى ببعض منها، وها نحن نصل إلى تلك المآلات المؤسف، لا أعني هنا أن جهوداً لم تبذل في سبيل التوافق، بل العكس لقد بذلت جهود وربما تحققت بعض النجاحات، إلا أن الحال كان يستدعي المزيد من الجهود بهذا الاتجاه، ناهيك عن ضرورة أخذ بعض الأفكار التي أظهر أبرز الشخصيات من خلالها توجساً وخشية من المضي باتجاه المجهول بحسن ظن، لأن ذلك لا مجال له في نطاق العمل السياسي الذي ينبغي أن يكون متجاوزاً للعواطف.

والثابت أن الأخطاء في المجال السياسي تكاليفها باهظة للغاية، وهذا ما نجابهه في هذه الأثناء، فالجنوب الذي قدم تضحيات جساما أمام منعطفات حادة وخطيرة للغاية بما يؤكد حقيقة ساطعة أن زحزحة مثل هذه الأوضاع لا يمكن أن تكون إلا عبر نطاق التوافق السياسي بدرجة أساسية ولا سبيل لاستعادة الجنوب دون تحقيق تقدمات جوهرية على هذا الصعيد.

ولا نبالغ في القول بأن الخطر داهم على قضيتنا، على الأقل من منطلق ما تعتمل من تحشيدات عسكرية على الأرض وما تكتشف من نوايا تتجاوز الجنوب بصورة واضحة وجلية.
وهنا يبرز السؤال: هل مازالت أمام الجميع فرصة لتلافي الأوضاع وتجاوز أوضاعنا الجنوبية الداخلية؟ وهل بمقدور القوى السياسية فصل شيء قبل فوات الأوان؟

مما لا شك فيه أن عمق مأساتنا جنوبية بالمقام الأول وتجاوزها المستعصي فيه تكمن بذور عقدتنا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى