العُمر مرة مش مرتين

> أحمد عبد ربه علوي

> هرمنا، ضاعت أعمارنا في صراعات ومناكفات الله لا سامح من كان سببها، هذه الحياة نعيشها مرة واحدة، الحياة هي الشيء الوحيد في حياة الإنسان الذي لا يتكرر، لا يمكن استعادته، ولا يمكننا إلا الندم في ضياعه يوم بعد يوم، ومع ذلك نترك الحياة بكل أيامها وسنواتها تضيع بكل هذه السهولة دون أن ننتبه أنها الثروة الحقيقية التي يجب أن نحافظ عليها، والتي يجب أن نعلم أطفالنا احترامها والحفاظ عليها، خسارة ولكن للأسف أيام حياتنا منذ نهاية عام 1967م ونحن في ضياع، لم نتهنأ بأيام حياتنا مثل بقية شعوب العالم؛ بل إن أيام الحروب متواصلة جاثمة على صدورنا، أزمة وراء أزمة، نطوي حياتنا بين نزوح وتعاسة وخلافات، ألم ودموع بين خوف وإحباط نمضي معها، نعيشها بكل ما فيها، ونستمتع بكل ما بها من مشاكل ومصائب وحروب لا تتوقف عند أزمة أو مشكلة أو منحدر، وتقنع نفسك أن حياتك انتهت.

الحياة لا تنتهي إلا حين يتوقف القلب عن دفقته (خفقاته) الأخيرة، ومتعة الحياة هي أن نجد حلاً وتفسيراً لكل لغز يقابلنا فيها، ولا معنى للأمل إذا لم تكن هناك عثرات على الطريق، وأشياء لا تتوقعها، تجعلك تبذل جهداً لتنجو منها، ولا معنى للسعادة أيضاً إذا لم نلتقِ في حياتنا بالحزن والدموع، ولا طعم للنجاح إذا لم يكن مولوداً من تفكير وتردد وربما فشل.. هذه الحياة يجب أن تحبها لتحبك، وتحترمها لتحترمك، وتبذل فيها ما يجب أن تبذله من صدق وإخلاص وحب وخير وجدية من أجل أن تمنحك سرها.

الحياة حياة كل إنسان لها عنوان، والعنوان يبدو سراً مجهولاً نسعى من أجل الكشف عنه، والوصول له.

سر الحياة، كيف تتصور نفسك تعيش وتموت دون أن تعرف هذا السر، دون أن تفهم لماذا ولدت؟ وما هو دورك في هذه، هل تتصور أن الله خلقنا دون أن يكون لكل منا دور نقوم به من أجل تطوير هذه الحياة وليس لخرابها من خلال الحروب الهمجية للحصول على المصالح الشخصية والمنافع الذاتية كما هو حاصل في بلادنا بعد كل فترة (جولة دوب وهروب وضياع ولحس وسحل)؟ وعلى هذا المنوال إلى يومنا هذا، فإنا لله وإنا إليه راجعون، فنحن منذ أكثر من 50 عاماً وأكثر ونحن صابرون على الصبر، وعلى صبر الصبر، وعلى نفاد صبر الصبر.

مع أنك أنت إنسان مهم، مهما كنت، ومهما كانت موهبتك أو طموحك أو المساحة التي تعيش بها؛ ابحث عن حياتك، وعن عنوان حياتك، وسر حياتك، لا أنصحك باليأس ولا الضعف ولا الخوف ولا الانتظار ولا الاستسلام، أنصحك أن تكون نفسك الحقيقية.. غدا استقبله بقلب مستعد لكل الاحتمالات التي تؤدي إلى السعادة.. غدا يولد أطفالاً يملؤون الدنيا صراخاً وضحكات، ويملؤون الدنيا ملائكة وصفاء ويملؤون الدنيا أملاً وحياة، كل الأشياء تتبدل في لحظة، يذهب بشر ويأتي بشر، تولد أحلام وتموت أحزان، فكم لحظة في اليوم؟ وكم يوم في العمر؟ وكم عمر في الحياة؟

نحن نملك أشياء كثيرة لا نقدر قيمتها لأننا لا نملكها، الحياة هي أحد أهم هذه الأشياء، ولأننا نتصور أنها تعني أياماً كثيرة فندمر هذه الأيام بدون شعور بذنب أو خوف أو ألم، فماذا لو كان ما تبقى من حياتك أياماً معدودة؟ هل تفرط فيها بهذه السهولة؟ إجابتك هي مقدمة لما يجب أن تفعلها بحياتك من الآن.
أخيراً: أسفي وأسفي على ضياع أيام حياتنا في حروب وأزمات ومشاكل منذ عام 1967، وصدقت الفنانة المرحومة رجاء باسودان عندما غنت "العمر مرة مش مرتين".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى