ثنائية الدعوشة والدحبشة

> د. عبده يحيى الدباني

> العلاقة بين الدحبشة والدعوشة تبدو واضحة المعالم على مستوى اليمن، وظهر أثرها في الجنوب الذي جرى احتلاله ما يقرب من ربع قرن من قبل نظام فلسفته هي الدحبشة، وجناحه المسلح هو الدعوشة.

فالدحبشة قناعات وسلوك ومنهج حكم وحياة، قبل أن تشير إلى أناس محددين أو جغرافيا بعينها، وهي تتلخص في الفساد في التعامل السياسي والاجتماعي والاقتصادي والأخلاقي؛ مثل الرشوة والكذب وثقافة التطفل والنصب والاحتيال والغش والادعاء واستحلال الحق العام وضعف الوازع الديني والأخلاقي والسعي إلى الكسب بكل الطرق والوسائل المشروعة وغير المشروعة، واعتبار ذلك شطارة وذكاء، فضلاً عن الجهل وتخلف التعليم والتربية وغير ذلك.

كل ذلك يشجع على الالتحاق بالدعوشة من باب الدحبشة، وبكل أشكال التطرف والإرهاب بطريقة مباشرة وغير مباشرة.
ثم إن المنهج الدحباشي العفاشي في السياسة قد سمح لنفسه باستخدام كل الأوراق مهما كانت خطورتها على الشعب أو الدولة أو الخارج أو حتى على النظام نفسه لأنه نظام عصابة يهتم بالكرسي والمال والقوة على حساب أي أمور أخرى، مطلوبة سياسيا وأخلاقيا واستراتيجيا.

لقد جعل الوسائل غايات واتخذ إليها ما فسد من الوسائل، لأن السلطة نفسها وسيلة وليست غاية، أي هكذا ينبغي أن تكون.
فالدعوشة إذن هي إحدى خصائص سياسة الدحبشة، كما أن التماثل بينهما واضح إذ يجمعهما التخلف والتطرف والجهل والبداوة والتصحر الفكري والعنف.

لقد بات الكل يعرف ويعترف أن نظام المخلوع كان حاضنا مبكراً للإرهاب والإرهابيين، وشركاؤه في الحكم هم إخوان اليمن بجناحهم القبلي وجناحهم الديني المتطرف، ولم يعد هذا الأمر مجرد تهمة أو رجماً بالغيب، ولقد كان الإرهابيون إحدى وسائل صالح وشركاؤه في حزب الإصلاح في السيطرة على الجنوب منذ ما قبل احتلاله في 94م، حيث كان يحرك خلاياه لضرب كوادر الجنوب في صنعاء وفي غيرها، مرورا بحرب الاحتلال وما بعدها إلى احتلال أنصار الشريعة لمحافظة أبين وأجزاء من شبوة وحوادث الاغتيالات الكثيرة وسياكل الموت وصولاً إلى ايامنا هذه بما تنذر به من استخدام هذه الورقة القبيحة.

وهاهم اليوم يتجمعون في بعض مناطق أبين تحت غطاء الشرعية ويستعدون لغزو عدن كما فعلوا في عام 1994م.
وفي كل مرة تجري الحرب عليهم ولكن لا يتم استئصال قوتهم، بل يجري نقلهم إلى أماكن أخرى آمنة إلى أن يتم تحريكهم عند الحاجة في زمان ومكان مختلفين.

إن أسباب التطرف وشيوعه في هذا العصر كثيرة وهي مختلفة من بلد إلى آخر في النوع والكم بعض الاختلاف، وهي في البلاد العربية تتلخص فيما ياتي:
سوء الحالة المعيشية؛ أي الفقر في كثير من البلدان العربية والفقر مشكلة المشاكل، فقد استعاذ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم منه، وقال الإمام علي رضي الله عنه: "لو كان الفقر رجلا لقتلته".

إذ تسعى الجهات التي تصنع التطرف والإرهاب وترعاهما إلى استغلال هذه المشكلة لدى الكثير من الشباب خاصة لتوقعهم في مشكلة أكبر وأخطر فتغريهم بالأموال والرواتب المرتفعة فيقعوا ضحية سهلة لها ومن ثم يتم الاستدراج وغسيل الدماغ.
ومن الأسباب كذلك: الجهل وضعف التعليم العام والجامعي وضعف الوعي والثقافة وغياب الدور التربوي السليم، دينيا واجتماعيا وأخلاقيا ورياضيا وفنيا، سواء في الأسرة او في المؤسسات التعلمية المختلفة.

ومن الأسباب أيضا: البطالة والفراغ وعدم الاستقرار النفسي والاجتماعي بسبب عدم الاستقرار السياسي وفساد الأنظمة وحالة الاغتراب التي يعيشها الكثيرون في أوطانهم والإقصاء والتهميش والحرمان وكذا ضعف الإسلام دينا وأخلاقا وعلما ومعاملات. وكذا تكالب الأمم والثقافات والغزو على الإسلام والمسلمين، وغياب العدل العالمي في التعامل مع الشعوب والقضايا والأديان، وبقاء دولة إسرائيل خنجرا مسموما في خاصرة الأمة يدمي مقدساتها.

ولعل من أبرز الأسباب حديثاً هو الجهات الاستخبارية الدولية ووكلاؤها في المنطقة التي تساعد في تهيئة الأسباب للتطرف ولحواضنه لتقوم بإنتاج التطرف نفسه بدوافع سياسية واقتصادية ودينية استعمارية وغير ذلك من الأسباب.
لقد شكلت ثقافة الدعوشة مع سياسة الدحبشة في اليمن ثنائية مدمرة قضت على كيان الدولة في الجنوب وفي الشمال، سواء حين اتفقتا أو حين اختلفتا.. فبعضهم من بعض.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى